للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحب أن أنبه تنبيهاً أخيراً: في بحوثنا قد نقع في أخطاء التنظير الفقهي البحت بعيداً عن فهم الصورة الشمولية لأداة التمويل كما وقع في بيع المرابحة للآمر بالشراء، قام بعض العلماء بالاستدلال بجزئيات فقهية واردة في البيع أو واردة في تفاصيل عمليات المرابحة دون ملاحظة أننا نستخدمها في البنوك الإسلامية كأداة تمويل، وبالتالي كان اشتراط التسلم والتسليم في عقود المرابحة بهدف ألا تنقلب كأداة تمويل ربوية، كذلك الحال هنا في الإجارة، بمعنى أنه لا يصح أن نأخذ ببعض الفروع الفقهية في الإجارة التي تجيز مثلاً أن يشترط المؤجر على المستأجر إصلاح العين المؤجرة، وبالتالي نقول ما دام الفقهاء قالوا بذلك فإذن هذا يجوز، أصل المسألة أن نستخدم هذه الأداة كإجارة منتهية بالتمليك نستخدمها باعتبارها أداة تمويل وبالتالي نريد أن نضمن ألا تنقلب إلى تمويل ربوي، وبالتالي لا يصح مثل هذا الشرط أصلاً إذا فهمنا العقد بهذه الصورة الشمولية.

شكراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الشيخ عبد اللطيف الفرفور:

بسم الله الرحمن الرحيم، أشكر لمن سبقني وما تفضلوا به من علم وفضل، وأرى –والله أعلم- أن هذا الموضوع كله يجب علينا إعادة دراسته من جديد لنتعرف على نقضه، وذلك بعد الدراسة والاستقراء، فهذا العقد –عقد الإجارة المنتهية بالتمليك - مرفوض شكلاً وموضوعاً، جملة وتفصيلاً، لأسباب:

السبب الأول: ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن صفقتين في صفقة واحدة، وهاتان صفقتان في صفقة، وهذا عقد فاسد، والشرط مفسد للعقد لأنه مضاد لتكوينه، فالإجارة شيء والبيع شيء آخر، وكلاً منهما مختلف التكوين عن الآخر، وكذلك أيضاً هو حيلة للربا، وكل حيلة للربا فهي مردودة اعتباراً بمآلات الأعمال وسد الذرائع الفاسدة، وكذلك فهو ليس له أصل شرعي مطلقاً بل هو عقد مستورد بشكل تام.

ولذلك فإن الذي يظهر لي والله أعلم وليس هذا حكم الله في الحادثة بل هو مجرد رأي كما علمنا ذلك أئمتنا العظماء –رضي الله عنهم- علمنا هذا رأي وهو أحسن ما قدرنا عليه، فمن جاءنا بأحسن منه قبلناه، هذا عقد فاسد يجب تصحيحه وذلك قبل إنفاذه إما بإلغاء الإيجار نهائياً وجعله بيعاً بالتقسيط فقط، أو أن نجعله إجارة محضة، ولا مانع من وعد منفصل عن العقد بهبة أو ببيع، هذا وعد غير ملزم عند الجمهور، لذلك فعند الجمهور الصفقتان في صفقة عقد فاسد ويجب فسخه، والقابض والآخذ والمقبض آثمان إلا أن يفسخاه أو يصححاه، وهذه العقود الصورية كمشد المسكه وإيجار دين ذكرها العلامة ابن عابدين في حاشيته وقال: إنها كانت وبالاً على المسلمين في تاريخهم الطويل، وأنها كانت سبباً لاختلاس الأوقاف واختلاس الأموال العامة، فكيف بالأموال الخاصة؟! من باب أولى، وهذا ما ذكره أستاذنا الزرقا كذلك في (المدخل الفقهي العام) وفي (نظرية الالتزامات العامة في الشريعة الإسلامية) .

<<  <  ج: ص:  >  >>