ويلاحظ أن ملكية الآلة لا تؤول هنا إلى المستأجر، ولكن أياً من طرفي العقد ليس له بها حاجة، بعد انقضاء مدة الإجارة، وقد تشبه في هذه الحالة بعض صيغ ما يسمى بالعرف المالي المعاصر بالإيجار التمويلي: (Financial Lease) ، من حيث إن الإجارة تشمل مجموع العمر الاقتصادي للعين المؤجرة، مع فارق عدم تملك المستأجر للعين المؤجرة عند نهاية العقد، وهي تشبه كذلك بيع التقسيط من حيث إن المالك يسترد قيمة الأصل مع أرباحه من خلال الدفعات الدورية للأجرة، مع فارق عدم انتقال الملكية إلى المستفيد، الذي يحصل في البيع بالتقسيط منذ تاريخ العقد، في حين لا ينتقل الملك في الإجارة إلى المستأجر.
ويدخل ضمن الحالة الرابعة هذه أن تكون رقبة العين المؤجرة تستحق لطرف ثالث بعد انتهاء مدة الإجارة، كأن تكون العين المؤجرة جسراً بناه شخص على أرض له عليها إقطاع ارتفاق مؤقت بمدة عشرين سنة مثلاً من الدولة، وتشترط الدولة أن تؤول إليها ملكية ما على الأرض، بعد انتهاء مدة إقطاع الارتفاق، كجزء من الخراج المشروط عند الإقطاع، فهنا العين المؤجرة باقية بعد انتهاء الإجارة واستيفاء منافعها ولكنها على غير ملك المؤجر، كما لو باعها لثالث عند انتهاء الإجارة.
الحالة الخامسة: وهي تشبه الحالة الثانية، حيث يرغب المستأجر بتملك العين المؤجرة عند نهاية الإجارة، فيعقد مع أصحاب الصكوك –منذ إصدارها- عقد استصناع يشتري به منهم عيناً موصوفة بالذمة لها نفس المواصفات المتوقعة للعين المؤجرة عند انتهاء الإجارة، وعند انتهاء مدة الإجارة، يتم تسليم العين المؤجرة بالثمن المتفق عليه، وتبقى العين المؤجرة نفسها مملوكة لأصحاب الصكوك طيلة مدة الإجارة، وبالتالي فإن صكوكهم التي تمثل عيناً مادية مؤجرة، تكون قابلة للتداول بسعر سوقي يتفق عليه بين المتبايعين، قد يزيد، أو ينقص عن سعر الشراء.
ومن الواضح أن عقد الاستصناع ملزم للطرفين ويمكن فيه تأجيل الثمن حسبما قرره مجمع الفقه الإسلامي في دورته السابعة، عام ١٤١٢هـ، ولكن هذا العقد لا يصح لبعض الأعيان المؤجرة، نحو الأرض مثلاً، التي ليس فيها من الصناعة شيء، غير أن هذا القيد قليل الأهمية التطبيقية، لأن معظم الأعيان المؤجرة ينطبق عليها مبدأ التصنيع مثل الآلة، والبناء، والجسر، والطائرة، ونحو ذلك.