٦- إنكار عمر وعثمان على من قَدّم الإحرام: فقد أنكر عمر على عمران بن حصين إحرامه من البصرة، وأنكر عثمان على عبد الله بن عامر إحرامه من خراسان، قال الحافظ ابن عبد البر معللا ذلك: وهذا من هؤلاء – والله أعلم – كراهةَ أن يضيقَ المرءُ على نفسه ما وسع الله عليه، وأن يتعرض لما لا يُؤْمَن أن يحدث في إحرامه.
٧- اتحاد الفدية لمن ارتكب العديد من محظورات الإحرام متأولا بسقوط الأجزاء، أو جاهلا بموجب إتمامه: قال الشهاب القرافى في كتاب " الفروق " في الفرق الثانى عشر بعد المائة بين قاعدة تداخل الجوابر في الحج، وقاعدة ما لا يتداخل الجوابر فيه في الحج: قال مالك رحمه الله: من أفسد حجه فأصاب صيدا، أو حلق، أو تطيب مرة بعد مرة تعددت الفدية وجزاء الصيد أن أصابه.
فإن كان متأولا بسقوط أجزائه، أو جاهلا بموجب إتمامه اتحدت الفدية؛ لأنه لم يوجد منه الجرأة على محرم، فعذره الجهل، وإن كانت القاعدة عدم عذره به؛ لأنه جهل يمكن دفعه بالتعلم، كما قال في الصلاة، غير أنه لاحظ هنا معنى مفقودًا في الصلاة، وهو كثرة مشاق الحج، فناسب التخفيف (١) .
وبعد عرض هذه التيسيرات من المنعوت في القرآن الكريم بالرؤوف الرحيم محمد صلى الله عليه وسلم ومن خلفائه الراشدين المهديين بهديه من بعده، وورثة فقه شريعته من الأئمة المجتهدين رضوان الله عليهم أجمعين، أفلا نتأسى بهم، ونرخص لحجاج البيت وعماره بطريق الجو في الإحرام من جدة التي هم مضطرون إلى النزول بها لا مختارون، والتي منها يؤذن لهم، أو لا يؤذن في الدخول إلى مكة، فهم بنفي الحرج أولى، وقد نفاه الرسول بمنى على من قدّم أو أخر بعض الواجبات عن بعض، ولم يراعِ الترتيب المطلوب، حتى قال راوي الحديث: فما سئل عن شيء قُدّم ولا أُخّر إلا قال: ((افعل ولا حرج)) ، وأن ندفع عنهم المشاق ما أمكن حتى يكملوا واجبات التعارف، واجتياز حرس الحدود، وتبديل العملة وتهيئة السفر إلى مكة ... كما دفعها عمر رضي الله عنه عن أهل العراق حين شق الإحرام من قرن عليهم، وأن نراعي أثر محظورات الإحرام عن نفس ذي النسك، خصوصا أن نصوص فقهاء الإسلام إذا أُحسن تخريجها تُرخص في ذلك بلا تعسف.