للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاعتبار الثاني: هو تميزه عن عقد التأمين التجاري (الذي يرى أكثر الفقهاء المعاصرين عدم جوازه) كما أسلفنا في الفقرة (٤/٤) : بل إننا نرى شبها قويا بين عقد الصيانة الشاملة، والإجارة على عمل الحارس والسجان مع تضمينهما ما يقومان على حراسته.

"ويصح ضمان حارس ونحوه.. وهو جائز عند أكثر أهل العلم: مالك وأبي حنيفة , أحمد..والسجان ونحوه – ممن هو وكيل على بدن الغريم- كالكفيل للوجه، عليه إحضار الخصم. فإن تعذر إحضاره..يضمن ما عليه عندنا وعند مالك (١) .

فهذا استئجار على عمل مع ضمان العامل تبعا لعمله خطر هروب من هو تحت الحراسة، ومع كون العمل نفسه مؤثرا في تقليل احتمال وقوع هذا الخطر. فهذا كله يقوي الشبه بعقد الصيانة المترافق مع ضمان الصائن لتلف القطع ولعمليات الصيانة الطارئة. ذلك أن الصائن يعمل من خلال الصيانة الدورية على درء احتمالات تلف القطع وتقليل الحاجة إلى الصيانة الطارئة. وبذلك ينتفع الطرفان: الصائن بقيمة عمله، وطالب الصيانة بتخفيض تكاليف الإصلاح الإجمالية.

٦/٤- رابعا: عقد الصيانة الشاملة (الوقائية والعلاجية) المقترن ببيع الأصل المراد صيانته:

إن اقتران الصيانة مع البيع يقوي الدواعي التي ذكرناها في (ثالثا) للقول بجواز هذا العقد. لأن بعض هذه الصيانة (وهو العلاجية) هو أسلوب لتحقيق ضمان البائع للعيوب الخفية في المبيع.

وبعضها الآخر (وهو الصيانة الوقائية الدورية) هو إجارة على عمل انضمت إلى عقد بيع الأصل، وهي صورة لصفقتين في صفقة، كلاهما مباح شرعا، ولا يؤدي إلى ممنوع شرعي وفق المعيار الذي رجحناه في (ف٥/١) . والصفقتان ليستا متنافرتين، لأن كلا منهما عقد معاوضة.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الدكتور محمد أنس الزرقاء


(١) ابن اللحام، الاختيارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية، تحقيق محمد حامد الفقي، مكتبة السنة المحمدية، ص١٣٢- ١٣٣

<<  <  ج: ص:  >  >>