للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الاحتمال الأول: وهو أن هذا من صور صفقتين في صفقة، فإن أصله حديث سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة واحدة، فسر سماك راوي الحديث، هو أن يبيع الرجل فيقول: هو بنسأ بكذا، وبنقد بكذا وكذا، وبه فسره أبو عبيد القاسم بن سلام، وإيراد (منتقى الأخبار) بهذه الرواية تحت عنوان: باب بيعين في بيعة يدل على أن صفقتين في صفقة هو بمعنى بيعتين في بيعة وهو ما يدل عليه صنيع ابن عبد البر فقد أخرج حديث سماك مع أحاديث بيعتين في بيعة ولم ينص على فرق بينهما بسنده عن أحمد بن قاسم بن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه قال: لا تصلح صفقتان في صفقة. (١)

وينفرد الدكتور الضرير بأن بيعتين في بيعة أخص من صفقتين في صفقة، لأن الصفقة تشمل البيع وغيره من الصفقات فيؤول معنى الحديث عنده إلى الجمع بين عقدين في عقد واحد (٢) .

ويجزم في مقدمة كلامه بأن عدم التفرقة بينهما خطأ فيقول: وهذا ليس بصحيح فإن بيعتين في بيعة أخص من صفقتين في صفقة.

وهذا ذهاب منه إلى أن كل عقد يطلق عليه صفقة وهو مما لا يساعده عليه لا اللغة ولا الاصطلاح الفقهي (٣) . فالصفق لا يطلق على النكاح، ولا على الإجارة ولا الإعارة، وإنما هو مأخوذ من عرف مادي كان يصحب عقد البيع من ضرب يد البائع على يد المشتري تعبيرا عن انبرامه، وتساوي الطرفين في أن كل واحد منهما حقق غرضه وهو ما يرجح أن التعبير بصفقتين هو تصرف من الراوي بإبدال لفظ البيعة بالصفقة، ولذلك فسر سماك الصفقة بالبيعة ونخلص إلى إن الحديث لا يتناول بأي وجه من الوجوه التزام المزود بالصيانة المحددة في العقد.


(١) الاستذكار: ٢٠ / ١٧٣
(٢) الغرر، ص١١١
(٣) انظر لسان العرب: ٢٠٠/١٠-٢٠١

<<  <  ج: ص:  >  >>