للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنسبة للعملات في البيع الآجل قد نجد أن البنوك الإسلامية تذكر أنها في حاجة إلى الاتفاق على سعر الصرف الآن لا من باب المضاربة أو المقامرة على العملات وإنما من باب تجنب المخاطر. يعني بنك إسلامي في حاجة إلى مائة مليون دولار في وقت معين وإذا لم يثبت سعر الصرف الآن يتعرض لمخاطر، أو مطلوب منه عشرة ملايين جنيهات إسترلينية في وقت معين وفي هذا الوقت الآن معروف سعر الصرف في ذلك الوقت قد يتغير سعر الصرف، فكيف يتجنب هذه المخاطر؟ تجنب المخاطر بجواز الاتفاق على سعر الصرف الآن البيع الآجل هذا لا يجوز لأن هذه مخالفة شرعية. لكن أيضًا يجب أن نبحث عن البديل وفعلاً عدد من البنوك الإسلامية بينت لهم البديل الذي يمكن أن يلجؤوا إليه لتجنب مخاطر سعر الصرف، فإذا كان يطلب منهم مائة مليون دولار في وقت معين فعليهم أن يبيعوا بالأجل لهذا الوقت بنفس المبلغ، يعني سلعة تباع والثمن يسلم في ذلك الوقت ويتسلمه المصرف الإسلامي ويقوم بسداده، فهذا إذن يتجنب المخاطر لأنه من الآن باع بالأجل وأصبح سيأتيه مائة مليون دولار ويسلمها، ويمكن أن يكون هذا قبل الموعد بيوم أو يومين.

الحل الآخر بالنسبة إذا كان ارتبط بعمل ما وسيأتيه عشرة ملايين جنيه إسترليني في وقت معين، وعملة هذا المصرف ليست مرتبطة بالإسترليني ويخشى مخاطر الصرف فماذا يفعل؟ قلت لهم هنا يستطيعون أن يشتروا بالأجل الإسترليني بحيث إنه عندما يأتي هذا الوقت وموعد التسلم بعد يوم أو يومين، فعندما يأتي هذا الوقت يأخذون المبلغ الذي لهم ويدفعونه ثمنًا للشراء الآجل الذي اشتروا به، والسلعة التي اشتروها يستطيعون أن يتصرفوا فيها تصرفًا حالاً أو آجلاً بعملة أخرى، فهذا بديل ويمكن أن يكون في بيع المرابحة أو الشراء بالمرابحة، البيع أو الشراء يمكن أن يكون بديلاً شرعيًّا لتجنب مخاطر سعر الصرف وبديلاً للمواعدة على الصرف.

نقطة خطيرة في الحقيقة متصلة بالنقود ولجأت إليها قلة من البنوك الإسلامية وهي ما يعرف بالبيع الموازي للعملات. يبيع عملة بسعر معين ويسلم العملة ثم يشتري العملة التي باعها بسعر أعلى وتسليم متأخر في وقت متأخر، والفرق بين السعرين إذا نظرنا إليه نرى أنه هو سعر الفائدة، فهو يبيع ويسلم العملة لبنك ربوي، ثم يشتري الآن هذه العملة مرة أخرى بسعر أعلى والتسليم بعد ثلاثة شهور، وتبقى عملته في البنك ثم يتسلمها مرة أخرى بعد ثلاثة شهور مع زيادة عن المبلغ الذي وضعه. هنا أرجو أن يشار أيضًا إلى أن البيع الموازي للعملات ما هو إلا عقد ربوي.

القول بأن النقود تكون مقصودة لذاتها والنقاش الذي دار حولها، يجب أن نفرق بين من يقصد النقود للتجارة المشروعة والصرف المعروف ومن يقصدها في حال ما عرف الآن بالمضاربة، فلا بد من قيود بحيث تضبط هذه العملية ولا تترك هكذا.

الاقتراحات بأن يكون هناك الغطاء الذهبي وإغلاق البورصات. هذه اقتراحات طيبة لكن التنفيذ غير ممكن، لا يمكن الآن أن يعود العالم إلى الغطاء الذهبي ولا يمكن الآن أن نغلق الأسواق المالية العالمية وإنما يمكن أن ننشئ أسواقًا إسلامية تنضبط بشرع الله عز وجل.

وكذلك الاقتراح بالدينار الإسلامي الذهبي. سلطة ولي الأمر في تقييد المباح لا بد أن تكون منضبطة وإلا لجعلنا من ولي الأمر مشرعًا وحاكمًا على النصوص.

أرجو إذن أن يؤكد المجمع على قراراته السابقة، وكذلك أن تتشكل اللجنة (لجنة الصياغة) من فقهاء واقتصاديين لوضع الاقتراحات المناسبة لعلاج المضاربة في توصيات مناسبة والتحذير من مضار هذه المضاربة.

والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>