للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- تدهور معدلات النمو الاقتصادي، فبعد أن وصلت إلى (١٠ %) سنويًّا في دول جنوب شرق آسيا أصبحت الآن لا تتجاوز (٤ %) ، وبعضها صارت صفرًا بل سالبة، ومعنى ذلك تدهور مستويات المعيشة، وحدوث حالة من الانكماش والركود، وإفلاس العديد من المؤسسات وتشريد الملايين من قوة العمل وانضمامهم إلى جيش البطالة فقد أغلق في أندونيسيا (١٦) بنكًا، وفي تايلاند (٣٠) بنكًا.

وتفيد بعض التقارير الواردة من دول جنوب شرق آسيا أن الأزمة الاقتصادية التي ضربتها قضت أو كادت على الطبقة الوسطى فيها؛ فملايين الأشخاص الذين عاشوا حياة أفضل من آبائهم وتعلموا بشكل أفضل وحصلوا على عمل أفضل عادوا من جديد ليعانوا كما عانى آباؤهم من قبل، وساءت ظروف معيشتهم من جديد، فالجوع وسوء التغذية وتدني مستوى العلاج تزداد انتشارًا في هذه الدول. وقد وصل عدد العاطلين في صيف عام ١٩٩٧ إلى خمسة ملايين شخص، ويتوقع أن يرتفع الرقم إلى عشرين مليونًا مع نهاية العام الحالي، ويوميًّا يفقد حوالي ألفي شخص عملهم في تايلاند. وهكذا باتت الأزمة تهدد طبقة اجتماعية كاملة كان قد أوجدها النمو الاقتصادي السابق.

٣- تآكل الاحتياطيات الدولية وتعرية الاقتصاد ومن ثم تعرضه لمختلف التأثيرات الخارجية، وتزايد حدة المديونية الخارجية، فسحبت تايلاند من جملة احتياطيها وقدره (٣٠) مليار دولار مبلغًا وقدره (٢٣.٤) مليار دولار في محاولة منها للحفاظ على قيمة عملتها، ومع ذلك فلم تصمد وتركت عملتها للتعويم. وفي هونج كونج، هب بعض كبار الرأسماليين المحليين للدفاع ولدعم دولار (هونج كونغ) وقد تحمل ثلاثة منهم في ذلك خسائر بلغت (٢) مليار دولار (١) .

وقد ربت المديونية الدولية لدول جنوب شرق آسيا من صندوق النقد الدولي وحده من جراء هذه الأزمة على (١٢٠) مليار دولار، ومع هذه الضخامة بما تحمله من أعباء ثقيلة؛ فإنها عجزت حتى الآن عن إعادة الثقة في العملات والبورصات الآسيوية.

٤- مع سيادة حالة من الركود يشيع التضخم، ومن ثم نجد الركود التضخمي. وقد شاهدنا جميعًا كيف ارتفعت الأسعار المحلية بشدة عقب الأزمات التي ألمت بروسيا وبدول جنوب شرق آسيا. ومن الناحية النظرية يمكن رد ما يحدث وحدث من تضخم في دول الأزمة إلى العديد من العوامل والاعتبارات والتي منها انكماش العرض وارتفاع سعر الفائدة، وما قد يكون هنالك من تزايد الصادرات. إضافة إلى عامل التوقعات المتشائمة ومن ثم تكالب على الشراء (٢) .


(١) د. حاتم القرنشاوي، مرجع سابق.
(٢) جون هدسون، ومارك هرندر، العلاقات الاقتصادية الدولية، ص ٨٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>