للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ناحية أخرى زادت الواردات بدرجة كبيرة بسبب زيادة الاستثمارات، والتي بلغت في بعض دول جنوب شرق آسيا حوالي (٤٠ %) من الناتج المحلي الإجمالي، هذا بالإضافة إلى تزايد عجز كل من حساب الخدمات، وحساب الاستثمار بسبب زيادة الخدمات المستوردة والتدفقات الاستثمارية الهائلة التي دخلت تلك الدول في السنوات الأخيرة. وقد كان من أهم العوامل التي أدت إلى التدفقات الاستثمارية الهائلة قابلية حساب رأس المال للتحويل (تحرير حساب رأس المال) ، وثبات سعر الصرف مقابل الدولار وارتفاع سعر الفائدة (١) .

٣- كان لضعف المؤسسات المالية والمصرفية وانحرافاتها دور في الأزمة التي حلت بدول شرق آسيا، حيث كما يبدو لم يكن الأداء المالي والمصرفي وأوضاع المؤسسات العاملة بالمستوى الذي يتناسب وتعقيدات حركة رؤوس الأموال، وتطور النشاط الاقتصادي الذي عرفته هذه الدول، فمن ناحية لم يكن تقويم المخاطر يخضع لمعايير صارمة سواء تعلق الأمر بمنح الائتمان أو الاقتراض من الخارج. فمن ناحية منح الائتمان فقد توسعت المصارف في منح الائتمان دون ضوابط. كما أدى تزايد اقتراض الشركات في هذه الدول من المصارف إلى انكشاف البنوك فيها وتعرضها لمخاطر عالية، ويرجع ضعف الأوضاع بالنسبة للمؤسسات المالية والمصرفية في دول جنوب شرق آسيا كذلك إلى ضعف الرقابة، وانعدام الإفصاح، والشفافية، وإلى تداخل المصالح بين قطاع الأعمال والمصارف من ناحية والسلطات السياسية من ناحية أخرى.

٤- لم يقتصر التوسع في منح الائتمان (القروض) على البنوك الوطنية فقط، ولكن كان هناك اتجاه مشابه من الخارج، حيث توسعت البنوك الأجنبية في منح القروض لهذه الدول مندفعة في ذلك تحت إغراء المستويات المرتفعة لسعر العوائد، وهوامش الفوائد على القروض مقارنة بالمستويات السائدة في دولها. وعلى سبيل المثال: قدرت الحسابات المكشوفة (القروض) التي قدمتها البنوك الفرنسية بحوالي (٩٧) مليار دولار، والقروض الألمانية بحوالي (٧٥) مليار دولار، والقروض البريطانية بحوالي (٥٨) مليار دولار (٢) .

٥- من الأسباب الأساسية التي ساعدت في سرعة انتشار الأزمات في دول المنطقة وفاقمت من حدتها، أن معظم الاستثمارات الأجنبية لم تتجه نحو توسيع القاعدة الإنتاجية، وإنما تركزت في توظيفات ذات عوائد عاجلة عالية يمكن التخلص منها عند أول إشارة سلبية. وهو ما حدث بالفعل إذ إن الهجمات التي شنتها صناديق التحوط والمضاربين والمستثمرين الأجانب ضغطت بشدة على أسعار الأسهم والعملات المحلية، وأربكت السلطات النقدية في تلك البلدان.


(١) د. نبيل حشاد، الدروس المستفادة من الأزمة المالية في آسيا، مجلة المصارف العربية أبريل ١٩٩٨م، ص ٩٠.
(٢) د. نبيل حشاد، الدروس المستفادة من الأزمة المالية في آسيا، مجلة المصارف العربية أبريل ١٩٩٨م، ص ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>