من هذا يتبين لنا أن جميع ما في الكون من الكائنات الحية، في عالم الحس والمشاهدة هي أمارات دالة على قدرة الله جل شأنه، وهي الطريق الموصل إلى معرفته، والهادي إلى الإيمان به والناطق بوحدانيته ذاتًا وصفات، والإيمان بما جاء به رسله صلوات الله وسلامه عليهم، وما جاء به خاتم النبيين والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم من شريعة.
وفي نفس الوقت هي نعم موهوبة، وهي نعم متجددة، وهي نعم تسد حاجة الإنسان في كل زمان ومكان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ومن هنا فإن إعمال العقل الواعي والفكر السليم في هذه النِّعم يزيدها خيرًا، وينمي آفاقها، ويوسع عطاءها؛ خدمة لخليفته في الأرض، وحفاظًا عليه، ومدًّا لأسباب الكائنات المسخرة.
ولذلك كان الاستنساخ في هذا المجال- مجال الحيوان والنبات- سببًا من أسباب تنمية هذه الكائنات المسخرة للإنسان، ووسيلة توسع آفاق الانتفاع بها وتطوره تطويرًا نافعًا، وتوجيهًا للعلماء والباحثين نحو العمل على ما ينمي مصادر ثرواتهم والخيرات الممنوحة لهم، ونحو ما يحقق مصالحهم الضرورية والحاجية والتحسينية، ويلبي رغباتهم في ظل الشريعة التي جاء بها خير الأنام، وإذا كان الاستنساخ هنا سببًا ووسيلة لتحقيق مصالح الناس، كان أمرًا جائزًا شرعًا، بل هو مطلوب ومأمور به في كل مكان؛ لأنه طريق المعرفة الحقة، ومحور الهداية، والنور الكاشف لبعض أسرار الخلق، والمحقق لمصالح الناس أجمعين، والماد لأسباب البقاء لهم، والكاشف عن نعم جديدة {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} .
حكم الاستنساخ التقليدي
بالنسبة للإنسان في الفقه الإسلامي
أرى أن أوجز هنا وجهة نظر المؤيدين للمضي في قضية الاستنساخ التقليدي بالنسبة للإنسان، ثم وجهة نظر المعارضين من علماء هذا الفن، ثم أتبع ذلك ببيان رأي الفقه الإسلامي.