للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالتصور الشرعي للتفطير غير التصور الطبي، ومعايير الفقهاء غير معايير الأطباء، ونحن نحترم طبعًا معايير الأطباء ونحترم آراءهم واجتهاداتهم، ولكن لا يجوز أن نحكمها في معاييرنا، بل نصير إليها عند الأخذ بالخبرة، بقضية الخبرة، فمثلًا؛ هل هذا الرجل يستطيع أن يصوم أو لا يستطيع؟ فإذا قال الطبيب المسلم الحاذق أنه يستطيع أن يصوم يجب عليه أن يصوم، وإذا أفتى بأنه لا يصوم فإنه لا يصوم، بل ربما إذا صام أثم لأنه خالف الطبيب في قضية الخبرة. هذا هو مجال قضية الأطباء في قضية الخبرات كما هو الشأن في كل مسائل الفقه الإسلامي في قضية الخبرة والمهارة، فنصير إلى أصحاب الخبرات عند اللزوم دون أن نحكم معاييرهم المادية في معاييرنا الشرعية.

فالتصور الشرعي والتصور المادي الحرفي أو المهني بما فيه الطب شيء آخر، يستعان بهذا في ذاك، ولكن لا يحكم هذا على ذاك. يمكن أن نحكم المعايير الشرعية في المعايير الطبية أما أن نحكم المعايير الطبية في المعايير الشرعية فيمكن أن يكون ذلك مخالفًا لروح الشريعة الإسلامية. مع كل تقديرنا واحترامنا وحبنا وتعظيمنا لإخوتنا الأطباء الأجلاء الذين أفدنا من علمهم وخبرتهم الكثير وجزاهم الله عنا خير الجزاء، وجزاء الخير كفاء ما قاموا به، ونحن محتاجون إليهم في كل شيء في أمور ديننا ودنيانا ولا نستغني عنهم ولا عن خبراتهم.

أما ما تفضل به بعض الإخوة من قضية الاستئناس بالفقه الإسلامي فأرجو أن تشطب هذه الكلمة من محاضر الجلسات؛ لأن الفقه الإسلامي لا يستأنس به وإنما يحكم {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} ثم قال تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} .

أشكر لكم حسن إصغائكم وأن أَتَحْتُمُ الفرصة لي للكلام، والسلام عليكم ورحمة الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>