للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- كذلك لا يرى كثير من الفقهاء حرجًا في أن يذوق المرء الطعام ولا في أن يمضغ العلك، اعتمادًا على أقوال بعض الصحابة والتابعين، مع أن ذوق الطعام ومضغ العلك يوصل إلى المعدة قدرًا يسيرًا معفوًّا عنه - أن شاء الله - من الطعام أو الشراب.

- وفي كتب الفقه كذلك كلام عن الكحل ووصوله إلى الحلق، وتفطيره إذا ابتلع بكيفية معينة، وهو كلام غير ذي موضوع، للحديث الذي رواه ابن ماجه بإسناد صحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((اكتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم)) . وحتى لو صح أن الكحل يصل إلى المعدة، فما يصل منه - إن وصل - أقل بكثير مما يصل من المضمضة أو الطعام المذوق أو العلك.

- وقولهم: ((وجد طعمه في حلقه)) كلام لا معنى له في طب العصر. فالحلق ليس محلًا للذوق وإنما أقصى حليمات الذوق في آخر اللسان، واللسان جزء من الفم، لا يفطر ما أحس به؛ لأن ماء المضمضة يغمر اللسان كله.

- والأصل أن ما يتحصل في الفم جراء حفر السن أو قلع الضرس لا يُبتلع، بل إن طبيب الأسنان يضع في الفم أداة لشفط ما في الفم كله، بما فيه من لعاب، فإن ذرعه منه شيء فهو غير مفطر - والله أعلم - لأنه لم يتعمد ابتلاعه، والله سبحانه يقول: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: ٥]

- ولا مسوغ - والله أعلم - لاعتبار منظار المعدة مفطرًا، لأنه لا يخطر ببال عاقل أن يقول: إن الصائم يأكل المنظار، فهذا مما لا ينطبق عليه لفظ الأكل أو الشرب في لسان العرب , وحتى ما قد يوضع عليه من مزلقات فإنه يخرج معه، ولو بقي فهذا ليس مما تعمده الصائم, وعملية المنظار هذه تستغرق - دخولًا وتنظرًا وخروجًا - دقائق معدودات.

<<  <  ج: ص:  >  >>