للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة الفورية:

ذهب الجمهور إلى أن الفورية-أو الإسراع في الذبح، وإزهاق الروح- شرط في الحلية، فإن رفع يده قبل تمام الذبح ثم أعادها فورا تؤكل الذبيحة، فإن تباعد ذلك، لم تؤكل، واستندوا في اجتهادهم هذا إلى أن"الذكاة" طرأت على"منفوذة المقاتل" أي التي"نفذ فيها أثر القتل قبل كمال الذبح فصارت ميئوسة"، أو مقطوعاً بموتها الطارئ قبل تمام الذبح، فلا تحل. (١)

وقال الحنفية والشافعية: يستحب الإسراع - وسموه" التذفيف" - في قطع الأوداج للحديث:" وليرح ذبيحته"، والإسراع نوع من أسباب إراحة الذبيحة (٢)

هذا وذهب الأمامية إلى أنه يجب الذبح في فور واحد، وبالتتابع، دون فصل يعتد به عرفاً، وذلك بقطع الأوداج الأربعة جميعا قبل زهوق الروح، مرة واحدة، فلو قطع بعضها وأرسل الذبيحة حتى انتهت إلى الموت، ثم قطع الباقي حرمت، لأنه ذبح في مرتين، ويعد في العرف عملين (٣) .

ويقول ابن رشد في بداية المجتهد:"هل من شرط الذكاة أن تكون في فور واحد؟ فإن المذهب لا يختلف أن ذلك من شرط الذكاة، وأنه إذا رفع يده قبل تمام الذبح ثم أعادها، وقد تباعد ذلك أن تلك الذكاة لا تجوز. واختلفوا إذا أعاد يده بفور ذلك وبالقرب، فقال ابن حبيب: إن أعاد يده بالفور أكلت؛ وقال سحنون: لا تؤكل؛ وقيل: إن رفعها لمكان الاختبار هل تمت الذكاة أم لا فأعادها على الفور، إن تبين له أنها لم تتم أكلت". (٤)


(١) بحوث مقارنة في الفقه الإسلامي، للأستاذ الدكتور محمد فتحي الدريني: ٢/ ٣٣٤
(٢) مغني المحتاج: ٤/ ٢٧٥ وما بعدها، رد المحتار: ٥/ ٢٠٧ وما يليها
(٣) تحرير الوسيلة، للإمام الخميني: ٢/ ١٣٠
(٤) بداية المجتهد: ٢/ ٤٦٨ بتحقيق الحلاق؛ وانظر أيضاً: المقدمات الممهدات لمحمد بن أحمد بن رشد القرطبي: ١/ ٤٢٩- ٤٣٠، بتحقيق محمد حجي.

<<  <  ج: ص:  >  >>