(د) وذهب الحنابلة إلى ما ذهب إليه الأئمة الثلاثة من منطلق التنويع في الذكاة تبعا لنوع الحيوان:
فأما الذبح والنحر فهما طريقتان خاصتان في المقدور عليه كالطير الممسوك والأنعام مما يعيش في البر، سوى الجراد للنص. وكذلك ما كان مأواه البحر ويعيش في البر كالسلحفاة المائية مثلا، فلا يحل تناولها إلا بالذكاة، نظرا للتمكن من إمساكها وضبطها, والحيوانات من حيث التركيب الخلقي نوعان: منها ما هو طويل العنق كالإبل، فذكاته بالنحر، وموضع النحر اللبة، واللبة موضع بين العنق والصدر في أسفل العنق من جهة الصدر، وتسمى"الوهدة". ومنها ما هو قصير العنق كالغنم، فذكاته بالذبح، وموضع الذبح الحلق، والحلق أعلى العنق من جهة الرأس، وهي السنة في الذكاة، فإن عكس- أي ذبح ما ينبغي نحره، أو نحر ما ينبغي ذبحه- أجزأه، لكنه مخالف للسنة. وينبغي قطع الحلقوم والمريء والودجين, وإن اقتصر على الحلقوم والمريء أجزأه، لكنه خالف الأفضل والأكمل.
وأما العقر فهو ذكاة الحيوان غير المقدور عليه من قِبَل الآدمي، ويكون بالجرح في أي موضع من الجسم من الحيوان المطارد سَبَبٌ في إماتته.
ولو كان الحيوان مما هو مقدور عليه ففر عند التذكية، فطارده صاحبه فلم يقدر عليه فضربه بالآلة المحددة فقتله كان مجزئاً في الحل؛ لأنه انتقل مما هو مقدور عليه إلى غير مقدور عليه (١) .