للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعندي أن الصواب هو هذا الوجه الخامس، لأنه الذي يخرج به الدم، ويمتنع وصوله إلى الدماغ، فيموت الدماغ ثم سائر البدن، أما القول بأن قطع الحلقوم والمريء يجزئ، أو أنه لابد منه، فهو بعيد عندي عن الصواب، لأن قطع الحلقوم وهو مدخل الهواء، وقطع المريء وهو مدخل الطعام؛ لا تنتهي به الحياة، بل يعيش الحيوان بعده مدة تطول أو تقصر، بل قد يعيش الإنسان سنين وحلقه مقطوع ومريئه مقطوع، وقد عرف ذلك في علم الطب قطعًا، والأطباء يعرفون ذلك، وهذا إن جرى مقاومة الإنتان، وجرت تغذية المريض من خلال فتحة المريء، أو من فتحة في جدار المعدة.

أما القول بأن حياة الإنسان والحيوان تستمر بعد سل الودجين- كما قال الإمام الشافعي، ونقلناه عنه فيما تقدم- فهو قول لا تسنده المعلومات الطبية بوجه من الوجوه، وكذلك ما قاله كثير من الفقهاء الذين اشترطوا قطع الحلقوم من أن الحياة لا تبقى بعده لحظة لانقطاع النفس فهو مجرد خيال.

وعلى هذا فينبغي انتهاء الخلاف الفقهي حول هذه المسألة، بل تكون العبرة في صحة الذبح بقطع الودجين فقط، ولا يجوز الاكتفاء بقطع المريء والحلق، وأيضا لا حاجة إلى قطعهما مع قطع الودجين.

غير أنه في التطبيق العملي عادة ينقطع الحلقوم بقطع الودجين، لشدة التقارب والالتصاق بينه وبين الودجين، وكونه واقعا بينهما متقدما عليهما إلى الأمام، فلا يمكن قطعهما في الأحوال العادية إلا بقطعه، وهذا وجه اشتراط المالكية قطعه، كما صرحوا به.

<<  <  ج: ص:  >  >>