ودليل هذا كله قول الله تبارك وتعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ}[المائدة: ٣] فقوله: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}[المائدة: ٣] راجع إلى المنخنقة وما بعدها ومعناه: أن ما أمكنت تذكيته قبل أن يموت فهو حلال، فإن كانت فيها قبل الذبح حياة مستقرة حلت بالذبح.
ويمكن أن يستدل على أنه هل كان فيها قبل الذبح حياة مستقرة أم لا:
بما يصدر عنها عند الذبح؛ فإن حركت يدا أو رجلا أو ذنبا ونهر الدم منها عند الذبح، فهي حلال، وإن لم يصدر عنها شيء مما يصدر عن الحي فهي ميتة، لأنها تكون قد ماتت بالمرض أو الخنق أو نحوه لا بالذبح.
وقال المالكية: إن الفعل الذي وقع بها من التردي أو النطح أو أكل السبع إن كان قد أنفذ مقاتلها، كما لو كان السبع قد أخرج أمعاءها وفصلها عنها، أو كانت قد ضربت فانقطع نخاع ظهرها، أو كانت قد طعنت في قلبها، أو قطع السبع موضع الذكاة منها، فلا تحل بالذبح ولو تحركت ونهر الدم، وعبارتهم:(لا تعمل فيها الذكاة) ، وفي غير هذه الحالة وافقوا غيرهم على ما تقدم.
والقول الأول أصح، لأنه ظاهر قوله تعالى:{إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}[المائدة: ٣] قال ابن عباس في تفسيرها: "فما أدركته من هذا يتحرك له ذنب أو تطرف له عين فاذبح واذكر اسم الله عليه فهو حلال " أخرجه البيهقي (١)