للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما ذبحه أهل الكتاب مما هو عندهم حرام وعندنا حلال:

اليهودي يحرم عليه في دينه ما ذكره الله تعالى {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أو الْحَوَايَا أو مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ} [الأنعام: ١٤٦] وحرمت عليهم الإبل أيضا، ويذكر في كتابهم تحريم كل ما لم يكن مشقوق الأصابع كالنعام والبط، وكل ذلك حلال لنا. فلو ذبحوا إبلا أو بطا أو نعاما فهل يكون لنا حلالا؟

اختلف في أكل ذلك للمسلم، على قولين:

ا- أنه حرام، وهو قول الإمام مالك وبعض الحنابلة، لقول الله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥] قالوا: وليس هذا من طعامهم لأنه عليهم حرام.

٢- أنه حلال، لأنه من لحم حيوان لم يحرم علينا، واستكمل شروط الذبح فيكون حلالا، وهو قول الشافعي، وإليه يذهب الحنابلة، واستدلوا أيضا بما أخرجه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه، أنه قال: ((دلي جراب من شحم يوم خيبر، فنزوت لآخذه، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم إلي)) قالوا: والمراد بطعامهم في الآية ذبائحهم (١) ، لأن من الشحوم ما هو محرم عليهم كما نص على ذلك القرآن، قالوا: فلما لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن مغفل بترك تناول الشحم المذكور، دل على عدم تحريمه؛ إذ لا يقر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على محرم.

وهذا القول الثاني عندي أصح، لأن العبرة بما في شريعتنا، لا بما في شريعتهم.

وأيضا يذكر عنهم أن لهم في الذبح طرائق معينة، ما ذبح ولم يستكمل تلك الشروط لا يأكلونه، وهم يسمونها طريفا، على أنهم- كما سمعنا- يربون البط ونحوه، ويبيعون لحومها وأكبادها لمن حولهم من مسلمين ونصارى ويصدرونه إلى الخارج.

وهذا النوع- وهو ما لم يذكر في شرعنا تحريمه عليهم، لكن هم يقولون إنه محرم عليهم- يصرح المالكية بأنه مكروه وليس محرماً (٢) .


(١) المغني: ٨/ ٥٨٢؛والشرح الكبير بحاشية الدسوقي: ٢/ ١٠١؛ والأم للشافعي: ٢/ ٢٦٤
(٢) الشرح الكبير: ٢/ ١٠١

<<  <  ج: ص:  >  >>