للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذبائح أهل الكتاب لكنائسهم وأعيادهم:

ما ذبح لكنائس النصارى واليهود ومعابدهم، وما يذبح في مناسباتهم الدينية، إن ذبحه مسلم وسمى الله على الذبيحة فهو حلال، وكذا ما ذبحه يهودي أو نصراني وسمى الله، بدليل الآية المتقدمة {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥] فهذا النوع هو من طعامهم، وروي أن بعض الصحابة أكلوه، منهم العرباض بن سارية، وأبو أمامة الباهلي، وأبو مسلم الخولاني، وأبو الدرداء، رضي الله عنهم، وصرح بإباحته الإمام أحمد حين سئل: "ما يقرب لآلهتهم ويذبحه رجل مسلم؛ قال: لا بأس به " أي لأنه يذكر اسم الله وحده، وقال القاضي أبو يعلى من الحنابلة: ما ذبحه الكتابي لعيده أو نجم أو صنم أو نبي فسماه على ذبيحته حرم، لقول الله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ} وإن سمي الله تعالى وحده حل، لقول الله تعالى: {فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ} [الأنعام: ١١٨]

وفي قوله هذا نظر، فإنه إن قصد الذبح للأصنام أو لشيء يعبد من دون لله فلا يشك في تحريمه، أما الذبح لأعيادهم فينبغي القول بأنه مع الحل يكره، من أجل القصد القلبي عند الذابح أنه يريد أن يذبح في تلك المناسبة التي لا يعترف بها الشرع الإسلامي.

وهذا الحكم ينطبق على ما ذبحه مسلم أو يهودي أو نصراني بالنيابة عن مجوسي أو كافر، إذا ذبحه لمعابدهم وأعيادهم الدينية: إن سمي الله وحده حل مع الكراهة، وإن سمي غيره تعالى حرم (١) ، وإن ذبحه لما يعبد من دون الله فهو حرام.

واختار ابن تيمية أن ما ذبحه الكتابي لعيده حرام علينا (٢) .


(١) المغني: ٨/ ٥٦٩؛ واقتضاء الصراط المستقيم، ص ٢٦١
(٢) الاختيارات، ص ٣٢٤

<<  <  ج: ص:  >  >>