للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أمر صلى الله عليه وسلم برجم من جاءه من المحصنين معترفًا بجريمة الزنا، كماعز والغامدية، والرجم شرعة قديمة نزلت به التوراة، فعن البراء بن عازب قال: مر على النبي صلى الله عليه وسلم بيهودي محممًا (دهن وجهه بالقار) مجلودًا، فدعاهم، فقال. ((أهكذا تجدون حد الزنا في كتابكم؟)) قالوا: نعم فدعا رجلًا من علمائهم فقال: ((أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حد الزنا في كتابكم)) ؟ فقال: لا، ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك بحد الرجم، ولكن كثر في أشرافنا، وكنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، فقالوا تعالوا لنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم، فقال صلوات الله وسلامه عليه (١) . ((اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه، وأمر به فرجم))

ورجم الزاني المحصن هو الجزاء العادل، فما أشبهه بالعضو الفاسد الذي يجب بتره لسلامة الجسم، فمن يعرف طريق الحلال ثم ينصرف عنه إلى الحرام ويأبى إلى الإفساد والاعتداء على الأعراض، والعمل على تدمير الناس وإهلاكهم فلابد من تطهير المجتمع منه.

عقوبة اللواط:

لقد شدد الله النكير على من وقعوا في هذه الجريمة النكراء التي ليس لها نظير عند غير بني الإنسان (٢) ، حيث جعل عالي قريتهم سافلها وأمطرهم حجارة من نار أعدت لمن يتجاوز الحد ويخرج عن الطريق المستقيم، بقوله سبحانه: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (٨٢) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (٨٣) } [هود: ٨٢ –٨٣] . (٣)

وإنما أباد الله قوم لوط – لإصرارهم على هذه الجريمة -، لأنهم أشد على النسل من الوباء الفتاك، فلو فشا فعلهم هذا فلسوف يؤدي إلى فناء البرية بانعدام الذرية.


(١) صحيح مسلم – حدود -٢٧، مسند الإمام أحمد: ٤ / ٢٨٦.
(٢) لقوله تعالى: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ١٦٥] فإن من معانيها من دون العالمين
(٣) نضدت في نزولها حيث جاء بعضها في إثر بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>