ورب العزة سبحانه قد نفرنا من الخمر حيث قرنها بنوعين من الشرك بالله، في العبادة:(الأصنام) وفي علم الغيب: (الأزلام) وبين لنا أن الشيطان فيما يزينه لنا من شربها يوقع بيننا العداوة والغضاء ويصرفنا عن ذكر الله فلا نأبه بالوقوع في محرم ولا نؤدي الصلاة وغيرها من الواجبات، يقول عز من قائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١) } [المائدة: ٩٠ – ٩١] .
٣- العقوبة الزاجرة:
فإذا لم يجد التربية، ولا فتح باب الحلال ولا سد أبواب الإثارة، ووقع المرء في السوء فلابد من عقوبة رادعة.
والحكمة من مشروعية العقوبة هي مساعدة المرء على الكف عن المعصية وعدم الوقوع فيها، وذلك لأن النفس إذا دعتها الشهوة إلى ارتكاب المعصية وتذكرت العقوبة المترتبة على ذلك فإن ألم العقوبة سيرجح على لذة المعصية فيقل عن الوقوع في السوء.
وقد قرر الله عز وجل للزنا عقوبة رادعة هي الجلد مائة جلدة لغير المحصن، لقوله تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[النور: ٢] ..
وقد نهت الآية الكريمة عن الرأفة بالجاني لمصلحته هو أولًا، لأنه إذا أيقن بالعقاب إن وقع في السوء كف عن السوء واتجه إلى الحلال ولمصلحة المجتمع لحمايته من الدمار.
وأما المحصن وهو من سبق له زواج شرعي، حتى ولو طلق أو ترمل، مسلمًا كان أو ذميمًا فإن حده الرجم حتى الموت، لقوله صلى الله عليه وسلم:((خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلًا، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم)) . . . . (١) .
(١) رواه مسلم – حدود – والحكمة من النفي أو التغريب هو ابتعاد المذنب عن موطن الجريمة وانقطاعه عن الأسباب التي أدت إليها ووحشته وضعفه بانقطاعه عن أهله.