للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولًا – معنى التحكيم

التعريف:

مادة حكم وردت في القرآن الحكيم بمعنى: يقضي ويفصل في الأمر قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} [المائدة: ١] ضمنت معنى يفعل (١) .

وقد تكررت هذه اللفظة بصيغ مختلفة ووردت بصيغة يحكموك في قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: ٦٥] .

وجاء في سبب نزولها ما ذكره القرطبي عن مجاهد وغيره أن المراد من هذه الآية من تقدم ذكره ممن أراد التحاكم إلى الطاغوت وذلك في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} [النساء: ٦٠] ، قال القرطبي:روي يزيد بن زريع عن داود بن أبي هند عن الشعبي قال: كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة فدعا اليهودي المنافق إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه علم أنه لا يقبل الرشوة ودعا المنافق اليهودي إلى حاكمهم؛ لأنه علم أنهم يأخذون الرشوة في أحكامهم، فلما اختلفا اجتمعا على أن يحكما كاهنًا في جهينة فأنزل الله الآية، وذهبت جماعة إلى أنها نزلت في الزبير مع الأنصاري وكانت الخصومة في سقي بستان والقصة ذكرها القرطبي بطولها وسندها حديث ثابت صحيح رواه البخاري (٢) كما وردت بصيغة يحكمونك في قوله تعالى: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ} [المائدة: ٤٣] .

وجاء في أساس البلاغة: حكموه جعلوه حكمًا، وفي الحديث (إن الجنة للمحكمين) وهم الذين حكموا في القتل والإسلام فاختاروا الثبات على الإسلام (٣) .

وحاكمته إلى القاضي رافعته، وتحاكمتا إليه واحتكمتا.

وهو يتولى الحكومات والخصومات.


(١) معجم ألفاظ القرآن الكريم المجلد الأول مادة حكم، مجمع اللغة العربية بالقاهرة ط ٢ ١٣٩٠ هـ ١٩٧٠ م.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ج ٥ / ٢٦٢.
(٣) الحديث في النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير ج ١ / ٤١٨، ٤١٩

<<  <  ج: ص:  >  >>