للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير أنا نجد أن الشافعية أعملوا سد الذرائع في فقههم واعتبروه من باب تحريم الوسائل المستلزمة للمتوسل إليه فمن ذلك:

١- ما يرجع إلى الكتاب كما جاء في قوله: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: ١٠٨] .

ونظائر ذلك كثير في القرآن الكريم.

٢- ما يرجع إلى السنة مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "إن أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قيل يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه" (١) ونظائر ذلك في السنة كثير.

٣- ما يرجع إلى القياس: كحرمة الصيد إذا نصب له الفخ قبل الإحرام قياسا على ما جاء في قصة أصحاب السبت (٢) ومثل منع الموصى له القاتل للوصي من حقه في الوصية قياسا على منعه من الإرث وأمثال ذلك كثير.

ثانيًا:

وبما أن سد الذرائع يقوم على عدة أصول ذكرناها في البحث فقد ارتبطت بهذا الأصل قواعد معتبرة عند الشافعية منها: قاعدة جلب المصالح ودرء المفاسد التي لا يخالف فيها أحد، وقاعدة اعتبار المآل فكل مقدمة لنتيجة أو وسيلة تفضى قطعا أو ظنا أو غالبا أو نادرا إلى غاية معينة تأخذ حكمها بحسب قوة إفضائها (٣) .

وقاعدة ما لا يتم الواجب إلى به فهو واجب واعتبار الشبهات والاحتياط في درء المفاسد واعتبار التهم ومن ذلك قول الشافعي رحمه الله تعالى فيما إذا أخر المعذورون صلاة الظهر حتى فاتت الجمعة: "أحب لهم أن يصلوها جماعة وأن يخفوها لئلا يتهموا في الدين " (٤) .

ومنها: إن قدم المسافر وهو مفطر أو برئ المريض وهو مفطر يستحب لهما الإمساك بقية النهار لحرمة الوقت ولا يأكلان عند من لا يعرف عذرهما لخوف التهمة والعقوبة (٥) ونظائر ذلك كثير.

وقاعدة إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام (٦) ومن فروع القاعدة إذا تعارض دليلان أحدهما يقتضي التحريم والآخر الإباحة قدم التحريم في الأصح.


(١) انظر رياض الصاحين ١٦١؛ وإعلام الموقعين ج٣/١٥٠
(٢) انظر رياض الصالحين ١٦١؛ وإعلام الموقعين ج٣/١٥٠
(٣) انظر سد الذرائع ص٦٩٥ بتصرف
(٤) المجموع شرح المهذب ج٤/٣٦٣
(٥) انظر شرح المهذب ج٦/٢٦٢
(٦) انظر سد الذرائع ص٧٠٤

<<  <  ج: ص:  >  >>