للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينقل التاج السبكي في هذه المسائل وسواها –مما قال به الشافعي- عن والده التقي السبكي أنها ليست من سد الذرائع، وإنما أراد الشافعي رحمه الله تحريم الوسائل المستلزمة للمتوسل إليه فيقول في سياق الرد على ابن الرفعة الذي حاول تخريج قول الشافعي بسد الذرائع من كلامه في باب إحياء الموات في كتاب الأم: ونازعه الشيخ الإمام الوالد -رحمه الله- وقال: إنما أراد الشافعي –رحمه الله- تحريم الوسائل لا سد الذرائع، والوسائل تستلزم المتوسل إليه، ومن هذا النوع منع الماء، فإنه مستلزم عادة لمنع الكلأ الذي هو حرام، ونحن لا ننازع فيما يستلزم من الوسائل، ولذلك نقول: من حبس شخصا ومنعه الطعام والشراب فهو قاتل له، وما هذا من سد الذرائع في شيء، قال الشيخ الإمام: (يعني والده دائماً) وكلام الشافعي في نفس الذرائع لا في سدها (١) .

ثم حدد التقي السبكي محل الخلاف بين المالكية والشافعية فيقول: والنزاع بيننا وبين المالكية إنما هو سدها. ثم يقسم الذرائع كما يراها، ويحدد موقف الشافعية من كل قسم فقال:

الذريعة ثلاثة أقسام:

أحدها: ما يقطع بتوصيله إلى الحرام فهو حرام عندنا وعند المالكية. الثاني: ما يقطع بأنها لا توصل، ولكن اختلطت بما يوصل، فكان من الاحتياط سد الباب، وإلحاق الصورة النادرة التي قطع بأنها لا توصل إلى الحرام بالغالب منها الموصل إليه. قال الشيخ الإمام: وهذا غلو في القول بسد الذرائع.

الثالث: ما يحتمل ويحتمل، وفيه مراتب تتفاوت بالقوة والضعف، ويختلف الترجيح عند المالكية بسبب تفاوتها. وقال: ونحن نخالفهم في جميعها إلا في القسم الأول، لانضباطه وقيام الدليل عليه (٢) .

ويعقب التاج السبكي على هذا النقل المنسوب لوالده التقي السبكي بقوله: قلت: أما موافقتهم في القسم الأول فواضحة، بل نحن نقول: في الواجبات بنظيره، ألا ترانا نقول: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب فبطريق الأولى أن نحرم ما يوقع في الحرام. وأما مخالفتهم في القسم الثاني: فكذلك، وما أظن غير المالكية يذهبون إليه، ولا أظنهم يتفقون عليه. وأما القسم الثالث: فلعله الذي حاول ابن الرفعة تخريج قول الشافعي فيه (٣) .


(١) الأشباه والنظائر: ١/ ١٢٠ (ط. دار الكتب العلمية بيروت ١٤١١هـ/ ١٩٩١م) .
(٢) الأشباه والنظائر: ١/ ١٢٠ (ط. دار الكتب العلمية بيروت ١٤١١هـ/ ١٩٩١م) .
(٣) الأشباه والنظائر: ١/ ١٢٠ (ط. دار الكتب العلمية بيروت ١٤١١هـ/ ١٩٩١م) .

<<  <  ج: ص:  >  >>