هذا وقد دقق الشيخ محمد طاهر ابن عاشور وأفاد في بيان المراد من سد الذرائع في كتابه " مقاصد الشريعة الإسلامية " حيث قال: هذا المركب (يشير إلى العنوان: سد الذرائع) لقب في اصطلاح الفقهاء لإبطال الأعمال التي تؤول إلى فساد معتبر وهي في ذاتها لا مفسدة فيها.
ثم بين أنه ليس من الغريب أن تفضي الأعمال الصالحة إلى مفاسد، بل ذلك شائع في كثير من الأمور الصالحة.
وأقام الدليل على ذلك فقال: ... بل كان ذلك الإفضاء إلى الفساد غير حاصل إلا عند كمال الأمور الصالحة. مثل النار فإن حالة كمالها، وهو اشتعالها الذي به صلاح الموقدين، هي حالة أفضاء إلى مفسدة الإحراق.
وليس الإبطال في سد الذرائع لاحقا بجميع الأعمال التي تؤول إلى مطلق فساد، بل لا بد من قيد اعتبار الشرع لهذا الفساد، وفي هذا يقول رحمه الله: ... فاعتبار الشريعة بسد الذرائع يحصل عند ظهور غلبة مفسدة المآل على مصلحة الأصل، فهذه هي الذريعة الواجب سدها (١) .
(١) مقاصد الشريعة الإسلامية: ١١٦ (ط. الشركة التونسية للتوزيع. تونس ١٩٧٨) .