وهذا أوان التشمير عن ساعد الجد، والآن (حمي الوطيس) . ولكن ماذا عساي أن أقول، عن موقف إمام همام، من أصل من الأصول، إذا كان هو أول من أصل الأصول في كتابه المدهش (الرسالة) ، وأول من طبق الفروع على هذه الأصول، في كتابه العجب العجاب (الأم) .
حسبي أن أنوه بفضله، وأشيد بعمله، وأذكر النقول المضطربة عنه، من الذين درسوا فقهه، وأفندها، وكفى.
أما تحديد موقفه من هذا الأصل، فقد حدده هو (رضي الله عنه) نفسه، من أول الأمر، وسيأتيك بيانه بعد قليل، بإذن الله وتوفيقه، وإذا قد تمهد لنا هذا، فلنأخذ في بيان ما نحن فيه، فنقول:
إن المسألة واحدة من ثلاث:
١- إما أن يكون الشافعي، لا يسد الذرائع ولا يعتبرها أصلًا يعول عليه، ولا يعطي الوسيلة حكم المقصد كما زعم (ابن قيم الجوزية) في كتابه (أعلام الموقعين: ج٣ ص١٤٦) .
٢- وإما أن يكون من الآخذين بهذا الأصل، في بعض الفروع الفقهية، دون بعض، كما ادعى القرافي في كتابه الفروق (٢/ ٣٢) وكتابه الآخر تنقيح الفصول (ص/ ٢٠٠) .
٣- وإما أن يكون من الآخذين بها مطلقًا، كما يرى الشاطبي في كتاب الموافقات (٣/ ٣٠٥) فقد أشار إلى أن دراسته لفقه الشافعي، دلته على أن الشافعي إذا ترك العمل بهذه القاعدة ولم يأخذ بها في بعض الفروع، فإن ذلك يرجع إلى وجود دليل راجح على هذه القاعدة في نظره.