للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموازنة بين الذرائع والحيل، والوفق (١) . والفرق بينها.

إذا نحن تأملنا من قريب، في حقيقة كل من (الذريعة) ، و (الحيلة) . وجدنا أنهما يسيران جنبًا إلى جنب، على الطريق التي تؤدي إلى إهمال أوامر الشريعة، والتهرب منها، أو يؤديان إلى الوقوع في الممنوع، كبيوع الآجال وغيرها من العقود والتصرفات، فالمآل واحد، وهو الوقوع في الفاسد والمحرمات.

فهما في التسابق إلى الشر، كحماري العبادي. قيل له: أي حماريك شر (٢) فقال: هذا ثم هذا، غير أن الاتفاق في النتائج، لا يعني دائمًا الاتحاد في القصد (أي: النية) فهما يبتدئان في الافتراق، منذ اللحظة التي يصبح الأمر فيها متعلقًا بالنية.

فالنية: هي الفارق ما بين الذريعة والحيلة. ولكي نقدم للقارئ بيانًا واضحًا يلخص ويستوعب التفرقة بينهما، لا نجد خيرًا من أن نعيد ذكر التعريف الجامع لكل منهما، وهو ما زال نصب أعيننا، وبين أيدينا.

فالذريعة ـ لو تذكرنا ـ هي الوسيلة التي يتوصل بها إلى الشيء الممنوع، المشتمل على مفسدة، ولو عن غير قصد.

فالعبارة في الذريعة ـ كما ترى ـ معيار موضوعي لا شخصي، ينظر فيه إلى المآل، ومصير العمل ونتيجته، ولا دخل فيه لنية الشخص الفاعل وقصده.

فالمنظور إليه في (الذرائع) ليس هو القصد السيئ من الفاعل، بل المنظور إليه هو الفعل الذي يؤدي إلى النتيجة التي لا تطابق الشرع، ولو كان الفاعل حسن النية.


(١) الوفق: المطابقة بين الشيئين. قال تعالى: {جَزَاء وِفَاقًا} [النبأ: ٢٦] .
(٢) يقال: يقال هو شر منك، ولا يقال: هو أشر منك، إلا في الشاذ الردئ من الكلام (تاج العروس) للزبيدي ـ ١٧ـ.؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>