للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اهتزاز العملة الورقية والارتباط بمعيار:

بلغ اهتزاز العملة الورقية في عصرنا الحاضر ما غطى على ما وقع في الفلوس قديمًا وتجاوزه، ذلك:

١- أن الارتباط بينها وبين الذهب قد تم إلغاؤه.

٢- أن الولايات المتحدة تبعًا لقوتها الاقتصادية والعلمية والتقنية فرضت الدولار على العالم كعملة للمبادلات، وامتازت بإصداره، فأخذت دور البنوك المركزية، ونتج عن هذا أنها تتحكم في التقلبات للقيمة النقدية حسب مصالحها.

٣- أنه بجانب الهيمنة الأميركية تقوم هيمنة أخرى، هذه التي تعبث بقيم النقود وتدخل في مبادلات وهمية في سوق البورصة وتزعزع الاقتصاد العالمي؛ لأنها مفرغة من القيم الخلقية، ومن الشعور بالانتساب إلى أوطانها أو إلى العائلة الإنسانية ويقتصر همها على الاستحواذ بشتى الطرق على المال.

٤- ما يمكن أن يحدث داخل حدود البلد الواحد من حروب أو فتن، أو تحول من انتهاج طريق اقتصادي إلى منهج آخر يختلف عنه.

هذه العوامل مجتمعة أو مفترقة ما تزال تهدد سلامة الاقتصاد العالمي ولم تسلم الدول العظمى من آثاره، فكيف بالدول السائرة في طريق النمو؟!

وترتب على ذلك أن الالتزامات الآجلة سيطر عليها عاملان مخربان: فقدان العدالة. وقلة الكفاءة.

إن الناظرين إلى اهتزاز قيمة العملة يطغى عليهم ما حدث في لبنان والعراق وتركيا والمكسيك ولا شك أنها مظاهر مفزعة.

ولكنا إذا قلنا باعتماد الارتباط القياسي فإن العدالة تفرض أن يكون ذلك شاملًا لجميع الالتزامات، ولو عممنا لدخل على التعامل اضطرابات أشد من تلك التي حدثت، ولا بد أن يشمل القوة كما يشمل الضعف.

الديون لو ربطناها بمعيار، فإنها يجب أن تشمل كل الديون، حتى الحسابات التي تحت الطلب؛ لأنها قروض في الحقيقة، وأن ينقص منها إذا حصل غلاء في القيمة النقدية، ولا يقتصر ذلك على النسب المرتفعة فإنه حتى النسب الضعيفة في الديون الطويلة الأمد تعظم بسبب التضخم التراكمي، وكذلك القراض، ما هو رأس المال؟ هل هو الكمية التي قبضها العامل أو يراعى فيه التضخم فيقسم الربح الزائد على رأس المال بعد إضافة نسبة التضخم لرأس المال؟ الديون التي للدولة على المواطنين وللمواطنين على الدولة الديون التي دخلت ميدان التقاضي كيف تحسب؟ الشراءات المؤجلة على أقساط تطول!!

الاقتراح:

أن يكون الربط القياسي لا ينطبق آليًّا على جميع المعاملات الآجل ولكن للطرفين أن يشترطا عند العقد الربط، وإذا شرطاه عمل به ويكون المعيار بناء على ذلك هو ما يتفقان عليه سواء أكان الذهب أو مجموعة سلع معينة أو سلة عملات، والله أعلم.

كتبه فقير ربه محمد المختار السلامي

<<  <  ج: ص:  >  >>