للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مفهوم كساد النقود الورقية وضوابطه وما يلحق به

جاء في المعجم الوسيط: "كسد كسادًا وكسودًا لم يرج لقلة الرغبة فيه" (١)

وفي القاموس المحيط: كسد: لم ينفق. وفي تنبيه الرقود في اصطلاح الفقهاء: أن تترك المعاملة بها (العملة) في جميع البلاد وإن كانت تروج في بعض البلاد، لا يبطل لكنه يتعيب إذا لم يرج في بلدهم (٢) ويقول الأزهري: الكساد: خلاف النفاق ونقيضه، وسوق كاسدة: بائرة (٣)

وفي تنبيه الرقود: عدم الرواج إنما يوجب الفساد إذا كان لا يروج في جميع البلدان. (٤)

فإذا ترك التعامل بالعملة الورقية في جميع البلاد فذلك ما يسميه الفقهاء بكساد النقد.

أما الانقطاع: أن لا يوجد في السوق وإن كان يوجد في يدل الصيارفة والبيوت.

وألحق بعض الفقهاء التغير الفاحش لقيمة العملة انخفاضًا بالكساد.

جاء في حاشية محمد المدني في حاشية الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر خليل "وهو أن التغير إذا كان فاحشًا فيجب أداء قيمة النقد الذي طرأ عليه الغلاء، أو الرخص، أما إذا لم يكن فاحشًا فالمثل". يقول الرهوني معلقًا على قول المالكية المشهور بلزوم المثل ولو تغير النقد بزيادة أو نقص "قلت ونبغي أن يقيد ذلك بما إذا لم يكثر ذلك جدًّا حتى يصير القابض لها كالقابض لما لا كبير منفعة فيه لوجود العلة التي علل بها المخالف، ويقصد العلة التي استدل بها أصحاب القول المقابل المشهور في مسألة كساد النقد وهي أن الدائن دفع شيئًا منتفعًا به لأخذ منتفع به فلا يظلم بإعطائه ما لا ينتفع به" (٥)

وينبغي أن نضع ضابطًا للتغير الفاحش في قيمة العملة الملحق بالكساد. جاء في المعجم الوسيط: فحش القول أو الفعل اشتد قبحه، وفحش الأمر: جاوز حده، فهو فاحش، ومؤنثه فاحشة، وجمعها فواحش. (٦)

قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأعراف: ٣٣] ، ويقول تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأنعام: ١٥١] والنهي يقتضي التحريم.


(١) المعجم الوسيط: ص ٧٨٦.
(٢) تنبيه الرقود: ٢/٦٠
(٣) تهذيب اللغة للأزهري، تحقيق عبد السلام هارون، ومحمد علي النجار: ١٠/٤٤.
(٤) تنبيه الرقود: ٢/٥٩
(٥) حاشية الرهوني: ٥/١٢٠، ١٢١؛ وحاشية المدني: ٥/١١٨ نقلًا عن كتاب دراسات في أصول المداينات للدكتور نزيه حماد ص ٢٦٦
(٦) المعجم الوسيط: ٦٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>