للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتراضات ودفعها:

الاعتراض الأول:

إن هذا القول يؤدي إلى زيادة في بعض الأموال، وهي ربا، وهو حرام بنص القرآن، مثل أن يقرض شخص قبل عشر سنوات عشرة آلاف ليرة، فلو قدرنا القيمة يكون يساوي مائة ألف ليرة، وهذا عين الربا؟

الجواب عن ذلك، أن ذلك ليس زيادة ولا ربا لما يأتي:

أولاً: أن الربا هو الزيادة دون مقابل، والزيادات الموجودة هنا ليست في الواقع إلا زيادة من حيث الشكل والعدد وهذا ليس له أثر، فالزيادة التي وقعت عند التقويم وهي ليست زيادة وإنما المبلغ المذكور أخيراً هو قيمة المبلغ السابق، وبالتالي فالمبلغان متساويان من حيث الواقع والحقيقة والقيمة.

ثانيًا: أن الربا هو الزيادة المشروطة، وهنا لم يشترط الدائن مثلاً أية زيادة، وإنما اشترط قيمة ماله الذي دفعه، ولذلك قد تنقص في حالة ما إذا ارتفع سعر النقد الذي أقرضه –مثلاً- وأصبحت قوته الشرائية أكثر من وقت العقد والقبض.

ثالثاً: أنه يمكن أن نشترط أن يكون الرد بغير العملة التي تم بها العقد في حالة الزيادة وهذا هو الراجح، فمثلاً لو كان محل العقد ليرة لبنانية، فليكن الرد عند الزيادة، أو النقص بالريال، أو بالدولار، أو الجنيه وهكذا، فاستيفاء الدراهم بدلاً من الدنانير، وبالعكس أمر معترف به عند جمهور الفقهاء –منهم الحنفية والمالكية والشافعية، والحنابلة- واستدلوا على جوازه بأدلة، منها حديث ابن عمر (رضي الله عنهما) حيث قال: "كنت أبيع الإبل بالبقيع، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في بيت حفصة، فقلت يا رسول الله: رويدك أسألك: إني أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ بالدنانير، آخذ هذه من هذه، وأعطي هذه من هذه؟ " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا بأس أن تأخذها بسعر يومها، ما لم تفترقا وبينكما شيء)) (١) قال الخطابي: "ذهب أكثر أهل العلم إلى جوازه، ومنع من ذلك أبو سلمة بن عبد الرحمن وابن شبرمة، وكان ابن أبي ليلى يكره ذلك إلا بسعر يومه، ولم يعتبر غيره السعر، ولم يبالوا ذلك بأغلى، أو أرخص من سعر اليوم.." (٢) قال الحافظ السندي: "والتقيد بسعر اليوم على طريق الاستحباب " (٣) وقد روى النسائي عن بعض التابعين أنهم لا يرون بأساً في قبض الدراهم مكان الدنانير، وبالعكس، في جميع العقود الآجلة بما فيها القرض. (٤)


(١) رواه أحمد في مسنده (٢/٨٢، ١٥٤) ؛ وأبو داود في سننه –مع العون- كتاب البيع (٩/٢٠٣) ؛ وابن ماجه في سننه بدون "سعر يومها" كتاب التجارات (٢/٧٦٠) ؛ والدارمي في سننه (٢/١٧٤) ح والنسائي في سننه، كتاب البيوع (٧/٢٨٢) وقد ضعف هذا الحديث؛ لأن سماك بن حرب قد انفرد به، وقد قال فيه سفيان: إنه ضعيف، وقال أحمد: هو مضطرب الحديث، قال الحافظ في التقريب (١/٣٣٢) : "صدوق وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بآخره، فكان ربما يلقن" –وراجع ميزان الاعتدال (٢/٢٣٢)
(٢) عون المعبود (٩/٢٠٤)
(٣) حاشية السندي على النسائي (٧/٢٨٢)
(٤) سنن النسائي (٧/٢٨٢- ٢٨٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>