هذا هو بيان طريقة الاقتصاديين لحساب التضخم بإيجاز شديد، أفيمكن لمثل هذه الطريقة أن يبنى عليها حكم شرعي؟ فكيف تختار السلع والخدمات؟ وكيف يقدر ما يعرف بالوزن؟ وكيف ينطبق هذا على كل من يشملهم الحكم الشرعي مع اختلاف طبقاتهم ورغباتهم وميولهم وثرواتهم وعاداتهم ودياناتهم وغيرها؟! لقد وجدنا من الاقتصاديين من يرى أن استعمال الأرقام القياسية لنفقات المعيشة هي أنسب وسيلة لقياس تقلبات القوة الشرائية للنقود، ومع ذلك يذكرون عدم دقتها حيث قالوا:
أولاً: ليست الأرقام القياسية للأسعار سوى متوسط إحصائي لمجموعة مختارة من المفردات، ولذلك يرد عليها ما يرد على تركيب المتوسطات واستعمالها من قيود. ومن المعلوم أن متوسط أية مجموعة إحصائية ليس سوى نموذج للمجموعة محل الاعتبار، يتاح لنا باستعماله أن نستدل برقم واحد على الاتجاه العام لمفردات المجموعة التي استخرج منها. ومن ثم، لا دلالة للأرقام القياسية للأسعار على السلوك الفردي لسعر أية سلعة بالذات –شأنها في ذلك سائر المتوسطات- كما لا يعني ثبات الأرقام القياسية للأسعار ثبات مختلف الأسعار الفردية التي تشتق منها. فقد يعوض الارتفاع النسبي في أسعار بعض السلع عن الانخفاض النسبي في أسعار البعض الآخر بحيث يظل الرقم القياسي ثابتاً في النهاية بالرغم من طروء هذه التغيرات.
ثانياً: لا تدلي الأرقام القياسية للأسعار (أيًّا كانت طريقة تركيبها) بغير نتائج تقريبية عن التغيير النسبي في مستوى الأسعار محل القياس. ولا اعتراض لأحد على هذه الصفة التقريبية بأي حال. فقد رأينا أن جماع ما يتطلبه الباحث في الأرقام القياسية للأسعار هو أن تعبر لنا بعدالة وصدق عن الاتجاه العام لمجموعات الأسعار المتباينة التي تستخدم في تركيبها.