للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ولذلك نقسم الأسهم إلى نوعين: نوع محرم تحريماً بيناً، ونوع فيه النقاش والتفصيل والخلاف.

فالنوع الأول: هو الأسهم التي محلها الخنزير، والخمور والمخدرات، والقمار ونحوها من المحرمات، وكذلك الشركات التي يكون نشاطها محصوراً في الربا كالبنوك الربوية.

فهذه الأسهم جميعها لا يجوز إنشاؤها، ولا المساهمة في إنشائها، ولا التصرف فيه بالبيع والشراء ونحوها، يقول ابن القيم: -بعد أن ذكر الأحاديث الخاصة بحرمة بيع بعض الأشياء-: "فاشتملت هذه الكلمات الجوامع على تحريم ثلاثة أجناس: مشارب تفسد العقول –كالخمر- ومطاعم تفسد الطباع وتغذي غذاء خبيثاً –مثل الميتة، والخنزير- وأعيان –كالأصنام تفسد الأديان وتدعو إلى الفتنة والشرك، فصان بتحريم النوع الأول، العقول عما يزيلها، ويفسدها، وبالثاني القلوب عما يفسدها من وصول أثر الغذاء الخبيث إليها ... ، وبالثالث الأديان عما وضع لإفسادها" (١)

هذا هو المبدأ الذي لا يجوز تجاوزه، ولا ينبغي التوقف فيه، وما سوى هذا النوع من الأسهم الحرام قسمان:

القسم الأول: أسهم لشركات قائمة على شرع الله تعالى حيث رأس مالها حلال، وتتعامل في الحلال، وينص نظامها وعقدها التأسيسي على أنها تتعامل في حدود الحلال، ولا تتعامل بالربا إقراضاً، واقتراضاً، ولا تتضمن امتيازاً خاصًّا أو ضماناً ماليًّا لبعض دون آخر.

فهذا النوع من أسهم الشركات –مهما كانت تجارية أو صناعية أو زراعية- من المفروض أن يفرغ الفقهاء من القول بحلها وحل جميع التصرفات الشرعية فيها؛ وذلك لأن الأصل في التصرفات والعقود المالية الإباحة، ولا تتضمن هذه الأسهم أي محرم، وكل ما فيها أنها نظمت أموال الشركة حسبما تقتضيه قواعد الاقتصاد الحديث دون التصادم بأي مبدأ إسلامي.

ومع ذلك فقد أثير حول هذا النوع أمران:

الأمر الأول: ما أثاره أحد الكتاب من أن هذه الأسهم جزء من النظام الرأسمالي الذي لا يتفق جملة وتفصيلاً مع الإسلام، بل إن الشركات الحديثة ولا سيما شركات الأموال حرام لا تجوز شرعاً؛ لأنها تمثل وجهة نظر رأسمالية فلا يصح الأخذ بها، ولا إخضاعها لقواعد الشركات في الفقه الإسلامي (٢)

وهذا الحكم العام لا يؤبه به، ولا يجنح إليه، فالإسلام لا يرفض شيئاً لأنه جاء من النظام الفلاني، أو وجد فيه، وإنما الحكم في الإسلام موضوعي قائم على مدى موافقاته لقواعد الشرع، أو مخالفته، "فالحكمة ضالة المؤمن فهو أحق بها أنى وجدها" وبما أن الأسهم القائمة على الحلال لا تتضمن مانعاً شرعيًّا فلا يجوز القول بتحريمها، -كما سبق-.


(١) زاد المعاد في هدي خير العباد، ٥/٧٤٦ ط. مؤسسة الرسالة.
(٢) الشيخ تقي الدين النبهاني: النظام الاقتصادي في الإسلام ص ١٣٣ ط. القدس، الثالثة ١٣٧٢ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>