للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم تقسيم رأس مال الشركة:

ومن جدير بالتنبيه عليه أن تقسيم رأس مال الشركة إلى حصص وأجزاء، واشتراط الشروط السابقة لا يتنافى مع المبادئ العامة للشريعة الإسلامية، والقواعد العامة للشركة في الفقه الإسلامي، إذ ليس فيها ما يتنافى مع مقتضى عقد الشركة، بل فيها تنظيم وتيسير ورفع للحرج الذي هو من سمة هذه الشريعة، وداخل ضمن الوفاء العام بالعقود {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] وتحت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المسلمون عند شروطهم)) (١) وفي رواية: ((والمسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً)) (٢) قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح". (٣)

فهذه النصوص وغيرها تدل على أن كل مصالحة وكل شرط جائزان إلا ما دل الدليل على حرمته، وعلى أن الأصل فيهما هو الإباحة، والحظر يثبت بدليل خاص، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهذا المعنى هو الذي يشهد عليه الكتاب والسنة ... " (٤) ويقول أيضاً: "إن الأصل في الشروط الصحة واللزوم إلا ما دل الدليل على خلافه ... فإن الكتاب والسنة قد دلا على الوفاء بالعقود والعهود، وذم الغدر والنكث ... والمقصود هنا: أن مقتضى الأصول والنصوص: أن الشرط يلزم إلا إذا خالف كتاب الله ... ".

ولا يخفى أن هذه القواعد السابقة تجعل الفقه الإسلامي يقبل بكل عقد، أو تصرف أو تنظيم مالي أو إداري ما دام لا يتعارض مع نصوص الكتاب والسنة، وقواعدها العامة، وأن الشريعة الغراء تجعل كل حكمة نافعة ضالة المؤمن دون النظر إلى مصدرها أو اسمها، وإنما الأساس معناها ومحتواها، ووسائلها وغاياتها، وما تحققه من مصالح ومنافع أو مضار ومفاسد.


(١) رواه البخاري في صحيحه –تعليقاً بصيغة الجزم – كتاب الإجارة (٤/٤٥١) .
(٢) سنن الترمذي –مع شرح تحفة الأحوذي- كتاب الأحكام (٤/٥٨٤) ، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية (مجموع الفتاوى ٢٩/١٤٧) : "وهذه الأسانيد، وإن كان الواحد منها ضعيفاً فاجتماعها من طرق يشد بعضها بعضاً".
(٣) مجموع الفتاوى، ٢٩/١٥٠ ط. الرياض. ويراجع لإثبات أن الأصل في العقود والشروط هو الإباحة: مبدأ الرضا في العقود، ٢/١١٤٨ ط. دار البشائر الإسلامية.
(٤) مجموع الفتاوى (٢٩/٣٤٦، ٣٥١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>