للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر الثاني: يترتب على تكييف سحب العميل من حساب جار بأنه قرض، وانشغال ذمة البنك بهذا الدين تقابل دينين والنبي (صلى الله عليه وسلم) قد ((نهى عن بيع الكالئ بالكالئ)) (١) وحكم بيع النسيئة بالنسيئة يعتبر محرما وإذا وقع كان فاسدا لا تترتب عليه آثاره.

والذي يظهر من تقصي صور بيع الدين بالدين وسبب منعها أن هذه الصورة ليست من الصور الممنوعة؛ لأن النهي عن بيع نسيئة بنسيئة، وواقع المقاصة إسقاط لما سبق وليست ببيع جديد.

جاء في نظرية العقد: والإجماع إنما هو في الدين الواجب بالدين الواجب كالسلف المؤجل من الطرفين، وهذه الصورة بيع ما هو ثابت في الذمة ليسقط بما هو ثابت في الذمة ليس في تحريمه نص ولا إجماع ولا قياس فإن كلا منهما اشترى ما في ذمته وهو مقبوض له بما في ذمة الآخر. (٢)

وجاء في الفتاوى (النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن بيع الكالئ بالكالئ، وهو المؤخر بالمؤخر ولم ينه عن بيع دين ثابت في الذمة يسقط إذا بيع بدين ثابت في الذمة يسقط فإن هذا الثاني يقتضي تفريغ كل واحدة من الذمتين ولهذا كان جائزا في أظهر قولي العلماء) . (٣)

ولعل فيما سبق من بيان لجواز الحجز على الحساب الجاري وقبول المقاصة فيه جواب على جواز جعله رهنا أو ضمانا أو ثمنا لشراء أسهم أو بضائع، فإذا جاز سحبه والمقاصة به وقبل الحساب التجزئه جاز حينئذ جعله سدادا لجميع أعمال المودع.

والله أعلم.


(١) الزيلعي، نصب الراية ٤/٣٩-٤٠؛ وابن حجر، تلخيص الحبير٣/٢٩-٣٠؛ الشوكاني، نيل الأوطار ٥/١٧٦.
(٢) ابن تيمية: ٢٣٥؛ وانظر نزيه حماد، بيع الكالئ بالكالئ: ٢٤-٢٥
(٣) ابن تيمية ٢٩/٤٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>