فنقول: إنه يتعين في هذه الحالة إحاطة العميل بمعنى عدم الضمان بطريقة واضحة لا لبس فيها بحيث تتاح له فرصة الاختيار السليم. لأنه يتبين من الأحكام الخاصة بالوديعة أن عدم الضمان يقتصر على الحالات الخارجة عن إرادة المستودع (البنك) وبعد التأكد من استيفائه للإجراءات المختلفة التي تكفل، في أغلب الظن، حرز وصيانة الوديعة. وبالتالي يشترط لتمتع البنك بميزة عدم الضمان هذه في حالة التلف أو الضياع، ضرورة إثبات توفير القدر المعتاد من وسائل الحفظ اللازمة لضمان سلامة الأموال المودعة لديه، وكذا إثباته بأن تلف الوديعة لم يكن بسبب استعماله لها، أو أنه كان خارجا عن إرادته. ويقول ابن المنذر:(وأجمعوا على أن على المودع إحراز الوديعة وحفظها) . وقال (أجمع أهل العلم على أن المودع إذا أحرز الوديعة ثم تلفت من غير جناية. لا ضمان عليه) ويقول أيضا: (وأجمعوا على أن المودع ممنوع من استعمال الوديعة ومن إتلافها)(١) .
ومن ناحية أخرى، فإنه من البديهي أن تخوف العميل في عصرنا الحالي، الذي أصبحت فيه البنوك كقلعة من القلاع المحصنة، من احتمالات فقدان أمواله نتيجة لوقوع أحداث غير عادية وخارجة عن إرادة البنك كالسرقة أو الحريق، يكون أقل بكثير من تخوفه من الفقدان نتيجة لاستعمال البنك لهذه الأموال، خاصة إذا اشتمل هذا الاستعمال على عمليات استثمارية عالية المخاطر، كالمضاربة على السلع في الأسواق العالمية على سبيل المثال.