للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإشكال على الحوالة بدين السلم أو على دين السلم:

وقد استشكل البعض في هذه الحوالة بإشكالين:

الإشكال الأول: هو أن الحوالة بيع من البيوع كما عن الإمام مالك (١) وعلى هذا فلا تجوز الحوالة ببضاعة السلم قبل حلول الأجل؛ لأنها عبارة عن بيع بضاعة السلم قبل حلول الأجل وهو مورد المنع.

الإشكال الثاني: ما نسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من قوله: ((من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره)) (٢) .

ولكن بما أن الجمهور والإمامية يعتقدون بأن الحوالة ليست بيعا وإنما هي عقد مستقل كما هو الصحيح فقد ارتفع الإشكال الأول.

وأما الرواية النبوية فقد يناقش في متنها فضلا عن سندها إذ لعل المراد هو النهي عن بيعه قبل الأجل لا النهي عن الحوالة على مال السلم بحيث يتمكن من أخذه في وقته وبعد الأجل. وأما من ناحية السند، فالحديث روي بثلاثة طرق في باب السلف يحول وفي باب من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره، وفي كل الإسناد عطية بن سعد العوفي وهو ضعيف (٣) .

الإشكال الثالث: وقد ذكر الإمام مالك إشكالا آخر في المقام، وخلاصته (اشتراط أن تكون الحوالة بدين حال) (٤) أما الدين في بيع السلم إذا كان مؤجلا فهو ليس بحال فلا تجوز الحوالة.

وقد أجاب الشوكاني عن هذا الإشكال فقال: (واستقرار الدين على المحال عليه ... فلا أدري لهذا الاشترط وجها لأن من عليه الدين إذا أحال على رجل يمتثل حوالته ويسلم ما أحال به كان ذلك هو المطلوب؛ لأن به يحصل المطلوب بدين المحال، ولو لم يكن في ذمة المحال عليه شيء من الدين) (٥) .


(١) المدونة/ ٤/٣٤- ٣٥
(٢) المغني ٥/٥٥
(٣) انظر ترجمة عطية في تهذيب التهذيب وميزان الاعتدال
(٤) المغني ٥/٥٥، وبدائع الصنائع ٦/١٦
(٥) السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار ٤/٢٤٢

<<  <  ج: ص:  >  >>