أننا لم نجد حكمة معقولة لشرط قبض المكيل أو الموزون قبل البيع، فلا بد من التعبد بالحكم مقتصرين على مورده رغم وجود روايات ترخص في بيع المكيل والموزون قبل قبضه، إلا أنها ضعيفة السند أو مطلقة للبيع تولية وغيره، فتقيدها الروايات المانعة للبيع قبل الكيل أو الوزن إلا تولية أو على سبيل الشركة ببيع نصف ما اشتراه قبل القبض مثلا.
تنبيهات: وعلى هذا سننبه على أمور:
١- أن المبيع إذا كان غير مكيل أو غير موزون (كالمعدود والمذروع، والمشاهد) يجوز بيعه قبل قبضه (سلما أو استصناعا أو غيرهما) طبقا للقاعدة القائلة: "الناس مسلطون على أموالهم" مع ورود الرخصة في بيع هذا في نفس الروايات المانعة من بيع المكيل والموزون قبل القبض ففي ذيل صحيحتي منصور بن حازم المتقدمتين: "فإن لم يكن فيه كيل ولا وزن فبعه".
وكذا في رواية أبي حمزة عن الإمام الباقر عليه السلام قال:"سألته عن رجل اشترى متاعا ليس فيه كيل ولا وزن أيبيعه قبل أن يقبضه؟ قال عليه السلام: لا بأس"(١) . وغيرها.
٢- الثمن إذا كان مكيلا أو موزونا والمبيع عروضا فيتمكن البائع من بيع الثمن المكيل والموزون قبل قبضه طبقا للقاعدة وعدم المانع، فإن الدليل اللفظي الدال على منع بيع المكيل والموزون قبل كيله أو وزنه مختص بالمثمن فتعديته إلى الثمن تحتاج إلى دليل لفظي عام أو مطلق، أو اطمئنان بأن الملاك واحد فيهما، وبما أنه لا يوجد إطلاق ولا عموم ولا يوجد اطمئنان بالملاك فيهما حيث إن الحكم تعبدي على خلاف القاعدة، فنقتصر على موارد المنع، ونتمسك بدليل {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} لصحة بيع الثمن إذا كان مكيلا أو موزونا قبل قبضه.