للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإضافة إلى هذا، فإن صاحب المشروع، الطالب للتمويل، الذي لا يشك في سلامة المشروع ويؤمن بنجاحه، والذي ينوي بكل جدية أن يدير المشروع إدارة حسنة، إن هذا الطالب للتمويل سوف لا يتردد في تقديم الرهن –والذي يتردد يحتمل أن يكون سبب تردده عدم ثقته في سلامة المشروع أو سوء النية في إدارته. هذا على افتراض أن لديه ما يقدمه رهناً، والذي يخشى في بلد توجد فيه مصارف ربوية ومصارف إسلامية أن عدم المطالبة بالضمان من قبل المصارف الإسلامية يجذب إليها ذلك القسم الثاني من الطالبين للتمويل (أي الذي لا يثق في سلامة مشروعه ولا ينوي إدارته بأمانة، الأمر الذي سماه الاقتصاديون اختياراً معاكساً Adverse Selection.

وقد يرى بعض الباحثين مخرجاً آخر من مأزق الخطر الأخلاقي الذي يحول دون ممارسة المضاربة الشرعية لدى المصارف الإسلامية في الوقت الحاضر، وهو ضمان الطرف الثالث لرأس المال، أو لرأس المال والربح معاً. (١) كما يرى البعض أن خضوع مشروع ما لخسارة كبيرة، مثلاً ما يتجاوز ربع رأس المال، يمكن أن يعتبر مؤشراً لسوء الإدارة والتعدي علن المعروف من قبل العامل (صاحب المشروع الممول) الأمر الذي يبرر تضمينه بإلزامه بسداد جزء من المال الضائع لرب المال (البنك الإسلامي) إلا إذا أثبت العامل العكس أمام المحاكم وقضي ببراءة ذمته. (٢)

حماية القانون ضد المماطل:

هناك صعوبة في استرداد رأس مال المضاربة والأرباح المستحقة عليه لصاحب المال (البنك الإسلامي) في الوقت المحدد. وأحياناً، وذلك في حال فشل المشروع وخضوع رأس المال للخسارة، يماطل العامل (صاحب المشروع الممول) ولا يرد ما بقي من رأس المال. وقد سمعنا من غير واحد من الذين عاشوا فترة ممارسة البنوك الإسلامية للمضاربة في بداية الأمر أن ذلك كان من الأسباب الرئيسية لإحجام البنوك الإسلامية من الاستمرار في ممارسة المضاربة. فإن القانون في جميع البلدان يحمي المقرض ويعينه في استرداد ما أقرضه إذا وجد عند المقترض مالاً، ولكن نفس القانون لا يحمي رب المال في عقد المضاربة إذا ادعى العامل فشل المشروع الممول، فهل يمكن إعادة النظر في هذه القوانين لحماية أرباب الأموال، وذلك مع المراعاة للفرق بين عقدي القرض والمضاربة؟


(١) منذر قحف (سندات القراض وضمان الفريق الثالث وتطبيقاتها في تمويل التنمية في البلدان الإسلامية) مجلة جامعة الملك عبد العزيز: الاقتصاد الإسلامي، المجلد ١، ١٤٠٩/١٩٨٩ (ص ٤٣ – ٧٦) .
(٢) صاحب هذا الرأي هو زميلي الأستاذ الدكتور محمد أنس الزرقا، في محادثة شفوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>