٢- ١- هل يجوز استخدام معدلات الفائدة العالمية لتحديد هامش الربح؟
لا يوجد في الشريعة –بحسب ما نعلم- طريقة لحساب الربح، والمعول في المعاملات هو على صيغة العقد لا على طريقة الحساب، فإذا كان بيعاً وجب أن يكون مكتمل الأركان تام الشروط خالياً من الربا والغرر والغش والغبن ... إلخ، فإذا توفر ذلك فلا أهمية للطريقة التي حسب بها الربح، وهذا يعني أن ربط هامش الربح بأسعار الفائدة مقبول إذا كانت صيغة البيع صحيحة، ولكننا يجب أن ننبه هنا إلى أن ربط هامش الربح بأسعار الفائدة يحتمل معنيين: الأول هو استخدام سعر الفائدة للتوصل إلى تحديد ربح البنك، ثم يصير هذا الربح جزءاً من ثمن بيع يمثل مبلغاً مقطوعاً يدفع منجماً أو دفعة واحدة، والمعنى الثاني: هو تحديد هامش الربح بحيث يتغير مبلغ القسط مع مرور الزمن بتغير أسعار الفائدة، فيكون هامش الربح زيادة متغيرة على الثمن، إن المعنى الثاني غير مقبول بلا شك لأنه يدخل في عقد البيع غرراً فاحشاً مفسداً للعقد، أضف إلى ذلك أن الزيادة التي تحدث إذا ارتفعت أسعار الفائدة هي زيادة في دين ثابت في ذمة المدين وهي من ربا الجاهلية، أما المعنى الأول فهو مقبول لأنه لا يؤثر على صحة البيع؛ إذ للبائع أن يتبنى أي طريقة يراها لحساب الربح.
ومع ذلك لا ننكر أن استخدام أسعار الفوائد الدولية كطريقة لحساب الربح في البيوع وإن كان غير محرم فإنه مناف للذوق الإسلامي ومتعارض مع ما هو مفترض في المسلمين من تأدب مع أحكام دينهم، ونقدم فيما بعد الحلول المقترحة لهذه المشكلة.
٢- ٢- الآثار السلبية لهذه المشلكة على عمل البنوك الإسلامية:
مما لا شك فيه أن ارتباط هوامش المرابحة، ومن ثم ارتباط العائد على الحسابات والودائع الاستثمارية مع أسعار الفائدة العالمية كانت له آثار سلبية كثيرة على البنوك الإسلامية، فأولها تشكك كثير من المسلمين في (إسلامية) هذه البنوك، وتقوية حجة من يدعي بأن تلك البنوك إنما يقتصر عملها على جمع الأموال من أفراد المودعين ثم إيداعها في البنوك الخارجية، وهو أمر غير صحيح، ومنها اضطرار كثير من البنوك الإسلامية إلى (حيل) يكون بعضها غير مقبول لإدخال عنصر يؤدي إلى تغير عائد الاستثمار عندما تتغير أسعار الفوائد الدولية، لحرصها على عدم الانفصال عن مستويات تلك الفائدة، مثل ربط أقساط التأجير بمعدل ليبور ... إلخ، ومنها أن هوامش الربح في البيوع لا تتغير تبعاً لأنواع السلع لأنها مرتبطة بثمن خدمة الائتمان وهي الفائدة العالمية، بينما المعتاد في عالم التجارة أن يكون معدل الأرباح في قطاع السيارات مثلاً مختلفاً عنه في قطاع الأدوية أو الأسمدة الكيماوية أو مواد البناء والأسمنت..إلخ، ولما كان يفترض أن نشاط البنك الإسلامي هو نشاط التجار ينطحون الأسواق ويبيعون بأسعار منافسيهم من الباعة، كان المتوقع أن يكون هامش الربح في كل سلعة ذا علاقة بهامش الربح في سوق تلك السلعة، ولكن ذلك لا يحدث في عمل البنوك الإسلامية؛ إذ إن هامش المرابحة مرتبط بأسعار الفائدة السائدة وربما يزيد أو ينقص قليلاً تبعاً لملاءة العميل وثقة البنك به، ولا يرتبط بهوامش الربح أسواق السلع الحقيقية.