يجد المراقب لنشاط البنوك الإسلامية أنها قد تبنت البيوع –وليس المشاركات- كبديل لصيغ التمويل التقليدية، والبيع الآجل –لاسيما بيع المرابحة للآمر بالشراء –يترتب عليه دين، فصارت أصول البنوك الإسلامية (١) شبيهة بأصول البنوك التقليدية.
ولما كانت وظيفة البنوك هي التمويل والائتمان، كانت الأثمان في البيوع الآجلة تتكون من جزئين: الأول هو تكلفة الشراء (على البنك) والثاني هو الزيادة مقابل الأجل والتي تسمى أحياناً بهامش المرابحة، وهامش المرابحة هو نسبة مئوية سنوية تزيد بطول فترة التسديد وتنخفض بقصرها، وهي من هذا الجانب ذات شبه بسعر الفائدة بحكم كونها نسبة مئوية سنوية محسوبة على مبلغ دين متعلق بذمة العميل.
وبرغم أن بينهما اختلافاً جذرياً يتمثل في أن الفائدة هي زيادة مشروطة في قرض بينما أن هامش المرابحة هو جزء من ثمن بيع آجل صحيح؛ برغم ذلك فهي مرتبطة بأسعار الفائدة العالمية، ولا يعني ذلك أنها مساوية لها بالضرورة، ولكنها تتغير معها نزولاً وصعوداً، الأمر الذي يوحي بأنهما صنوان، ولطالما انتقدت البنوك الإسلامية، وشكك المشككون فيها بناء على ما يرون من ارتباط بين هامش الربح وأسعار الفائدة العالمية، ولعل من المفيد هنا أن نستعرض بعض أسباب الارتباط المذكور بين أسعار الفائدة وهوامش الربح في المرابحة:
أ- تمارس أكثر البنوك الإسلامية نشاطها المصرفي في بيئة تتنافس فيها مع البنوك التقليدية، ويمثل الجميع أعضاء في سوق واحد، وسواء كانت هذه البنوك تمارس نشاطها بصفة أساسية داخل بلدانها أو على نطاق دولي فإنه يبقى أن البديل لصيغ تمويلها المقبولة شرعاً هو الاقتراض بالفائدة، ولذلك فهي مضطرة في تحديد هوامش الربح (والتي تمثل ببساطة ثمن الخدمة التي تقدمها) أن تأخذ في اعتبارها هذه الحقيقة، فهي لا تستطيع أن تحدد هامش ربح يزيد كثيراً على أسعار الفائدة السائدة؛ لأنها إذا فعلت تركها الناس ومالوا إلى البنوك التقليدية (إلا من رحم ربك) ، وهي لا تستطيع أن تحدد هامش مرابحة يقل كثيراً عن أسعار الفائدة؛ لأنها عندئذٍ سوف توزع على المودعين لديها وملاك البنوك أرباحاً تقل عن أسعار الفائدة التي يمكن أن يحصلوا عليها في البنوك التقليدية فيتركونها إلى البنوك التقليدية (إلا من رحم ربك) ، لا شك في أننا نعيش في أوضاع غير مثالية، ولذلك لا نستطيع أن نفترض أن جميع المسلمين سوف يتجاهلون هذين العاملين لأنهم في الواقع لن يفعلوا، لذلك تجد البنوك الإسلامية نفسها مضطرة إلى ربط معدلات أرباحها بأسعار الفوائد الدولية.