إن إمكان التعبير برقم قياسي واحد عن حركة أسعار جميع السلع والخدمات في مجتمع ممكن عملياً لما بينا (١) لكن مثل هذا المؤشر الشامل يعد شموله المفرط عيباً فيه من وجهة نظر أية فئة محدودة من الناس لا تتعامل في كثير من السلع والخدمات التي تؤثر في ذلك المؤشر، فعلى سبيل المثال، لا يشتري المستهلكون في العادة المواد الأولية الصناعية والوقود الثقيل، ومواد التغليف وأمثالها من السلع التي تهم المنتجين الصناعيين، وبالمقابل لا يشتري هؤلاء الأطعمة الجاهزة والملابس ولا يستأجرون الشقق والمنازل الصغيرة التي تهم الأسر.
لهذا السبب صار من المعتاد في أكثر البلاد إعداد مجموعة من الأرقام القياسية للأسعار يصلح كل منها لأغراض دون أخرى، منها:
* الرقم القياسي لأسعار المفرق، وتختلف تسميته من بلد لآخر، فالبعض يسميه الرقم القياسي لتكاليف المعيشة أو لأسعار المستهلكين.
وسنتطرق إليه مرة أخرى فيما بعد لأنه هو أقرب ما يتصل بالبحث الحاضر.
* الرقم القياسي لأسعار الجملة.
* الرقم القياسي لأسعار الواردات، ونظيره لأسعار الصادرات.
* مصحح أسعار مجمل الناتج المحلي.
وغالباً ما يتكون الرقم الواحد من هذه من عدد من الأرقام القياسية الفرعية، فرقم تكاليف المعيشة ينبني على رقم فرعي لأسعار الأطعمة، وآخر لإيجارات المساكن، وثالث للنفقات الصحية.. إلخ.
وخلاصة الفقرة الحاضرة هي أنه لا يوجد رقم قياسي واحد للأسعار يصلح لجميع الأغراض والفئات الاجتماعية، لهذا تتعدد الأرقام القياسية، وتختلف معدلات تغير الأسعار التي يدل عليها كل منها، ولابد من تخير واحد من تلك الأرقام يكون أقرب إلى غرض المستخدم بقدر الإمكان.
(١) أقرب ما يمثل هذا المؤشر عملياً هو مصحح أسعار الناتج المحلي الإجمالي والذي تتوافر أرقامه لأكثر بلدان العالم (ر: مثلاً تقرير عن التنمية في العالم ١٩٩٢، الصادر عن البنك الدولي)