للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدكتور محمد الأشقر عرف السر من الآية الكريمة: {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [طه: ٧] وقال: السر ما حدث به الإنسان غيره وأسره إليه، والأخفى من السر ما حدث به المرء نفسه وأخفاه بباله من غير أن يخبر به أحداً، وهذا من السر أيضاً، إلا أنه أشد الأسرار خفاءً، والإفشاء وهو إفشاء السر، ثم ضرب صوراً من الكتمان والإفشاء من الكتاب والسنة وآثار الصالحين، قصة الرسول مع عائشة وحفصة من أنه حرم على نفسه العسل وقيل: إنه حرم على نفسه جاريته مارية، وأفشت السر كل منهما فنزلت الآية الكريمة، قصة زواج حفصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحفظ الصديق رضي الله عنه هذا الخبر عن عمر عندما عرضها عليه، قصة تعيين عبد الله بن عباس في مجلس سيدنا عمر بن الخطاب وكان صغير السن فأوصاه أبوه عباس: يا بني، احفظ عني ثلاثاً: لا تفشين له سراً، ولا تغتابن عنده أحداً، ولا يجربن عليك كذبا. وصور أخرى، ثم أصدر فضيلته حفظ الأسرار وستر العورة بدعاء النبي: ((اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا)) وحديثه: ((من ستر على مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة)) ثم بين فضل كتمان السر وذكر قصة ماعز وهذيل وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من رأى عورة فسترها فكأنما أحيا ميتاً)) .

ثم تطرق إلى نقطة هامة تحت عنوان من يستحق الستر عليه ومن لا يستحق، واستشهد بقول الحليمي: الستر هو في الفواحش التي لا تخرج من الموتب، فأما إذا سمع مسلماً يتكلم بكلام الكفر فعرف به أنه من المنافقين فلا ينبغي أن يستر عليه حتى لا يترتب على ذلك الكثير من الارتباطات.

ثم بين أهمية حفظ الأسرار والأضرار التي يمكن أن تنتج على ذلك، وهي أضرار نفسية وبدنية ومهنية ومالية، ثم اعتبر أيضاً أن إفشاء السر خيانة، خاصة إذا كانت بين المرء وزوجه أو بين أخ وأخيه أو في مجلس استؤمن عليه.

وفي النهاية حدد أن هذا الموضوع للإنسان المسلم العادي وشدد أن يكون الأطباء والعاملون في هذا المجال أكثر التزاماً في هذا الموضوع، ثالثاً لأن الإباحة بالسر فيه غالباً اتباع لهوى النفس ممن يفعله وقد قال الله تعالى: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: ٢٦] فإن الصاحب إذا حل من خليله محل الفؤاد فاطمأن كل منهما إلى الآخر وركن إليه فائتمنه على أدق أسراره، وبث إليه أشياء مما في نفسه وأخبره عن أشياء يفعلها فحق حامل الأمانة أن يكون كفءا له، فلا يفشي بشيء من ذلك لأحد، واستشهد بقول الغزالي: (منشأ التقصير في ستر العورة أو السعي في كشفها الداء الدفين في الباطن وهو الحقد والحسد) ثم انتقل إلى الحالات –وهذا هو المهم- التي يجوز فيها الإفشاء:

<<  <  ج: ص:  >  >>