القانون الكويتي مثلاً نص على أنه لا يجوز للطبيب أن يفشي سراً خاصاً وصل إلى علمه عن طريق مهنته، سواء أكان هذا السر مما عهد به إليه المريض وائتمنه عليه أم كشفه الطبيب بنفسه أم سمع به إلا بأمر من المحكمة لتحقيق سير العدالة، وقد حرص القانون على أن يذكر الحالات التي يجوز فيها الإبلاغ على سبيل الحصر لا المثال، والحالات التي يجوز فيها الإبلاغ هي أربع حالات: إفشاء السر بطلب من المريض، إفشاء السر لأحد الزوجين أو لكليهما معاً بناء على طلبهما، إفشاء السر منعاً لوقوع جريمة، إفشاء السر في حالة التأمين على الحياة. وفي الطبيب في التأمين، إفشاء السر في حالة التأمين من الطبيب إلى الإدارة لا يعتبر إفشاء؛ لأن العميل جاء بمحض إرادته وهو يعلم أن الكشف يجري بطلب من إدارة التأمين لإطلاعها على كل ما يتعلق بصحة العميل لتحديد شروط العقد، أما من يتلقى تقرير الطبيب فعليه الكتمان وعدم البوح به، أما الحالات الإجبارية التي يجب على الطبيب الإبلاغ فيها هي التبليغ عن الأمراض السارية، وقد عددها الشارع في القانون ولم تترك لتقدير أي من السلطات الإدارية ولا الطبيب.
البند الثاني من الحالات الإجبارية: التبليغ عن المواليد والوفيات، والقانون يجبر الطبيب أن يبلغ إذا قام بالكشف على متوف أو قيامه بإسعاف مصاب أن يخبر السلطات المختصة إذا وجد علامات تشعر باحتمال أن تكون وفاة المتوفى أو إصابة المصاب من جريمة، ومما يؤيد وجوب كتمان السر ولا يجوز إفشاؤه إلا بنص قانوني أن الإجهاض ممنوع في فرنسا بموجب القانون الصادر سنة ١٩٢٠، ومع ذلك كان على الطبيب أن يمتنع عن الإبلاغ عنه أو الشهادة عليه إذا اطلع عليه أثناء ممارسة عمله، ولكن كثرة حالات الإجهاض دعت المشرِّع الفرنسي أن يعدل المادة ٣٧٨ من قانون العقوبات والقانون الصادر في سنة ١٩٣٩ م، والقانون الصادر سنة ١٩٧٥ م، بموجب هذين القانونين أعفى الطبيب من العقوبة المنصوص عليها بالمادة ٦٧٨ إذا هو أبلغ أو شهد على إجهاض اطلع عليه أثناء ممارسة المهنة، وأيضاً أجاز له أن يبلغ السلطات ويشهد أمام القضاء إذا شاهد أثناء ممارسته لمهنته من عنف وقع على قاصر، ومن هذا يتبين أنه استثنى من الكتمان حالتين وجعل التبليغ عنهما والشهادة عليهما جوازياً يعود لتقدير الطبيب.
مثال آخر على عدم الدراية بالقانون من جهة الإدارة أتت حالة حاملة السفاح واضطرت المريضة إلى الاعتراف للطبيب بأن حالتها كانت تحتاج إلى الإجهاض وعند عرض المسألة على الإدارة طلبت الإدارة بإبلاغ مكتب التحقيق عن الحمل السفاح بخطاب رسمي وسري إلى المكتب المذكور مع نسخة منه إلى مدير إدارة الخدمات الوقائي، وقد رفض الأطباء الانصياع لهذا القرار واستفتت الوزارة إدارة الفتوى التي قالت: إن التبليغ عن حالات الحمل غير المشروع التي يتم إجهاضها بشأن الدواعي الطبية يجب أن يدور أساساً في ضوء القوانين التي تحكم هذا الموضوع والمسائل المتعلقة به؛ أي: يجب عدم الإفشاء ويجب السرية الكاملة.