الواقع أن البحثين الذين قدما بين أيدينا درسا الموضوع دراسة متسفيضة، وأود أن أنوه بالتصوير الواقعي الاقتصادي لسعادة الأخ الدكتور محمد علي القري، وهو رجل اقتصادي معروف في المملكة العربية السعودية ومن الاقتصاديين الإسلاميين ذوي الغيرة، فهنا قسم بطاقة الائتمان إلى ثلاثة أقسام، ولهذا لا يمكن أن نعطي أو نصدر حكما عاما على البطاقات جميعها لأنها ثلاثة أنواع، منها التي تحدث عنها بطاقة الخصوم أو البطاقة المدينة وقال: إنها تمثل شيكا وذلك عندما يكون لصاحب البطاقة رصيدا في ذلك البنك، فالبنك يسحب من رصيده القيمة التي يشتري بها تلك السلعة، وقال: هذه تأخذ حكم الشيك، وهذه واضحة جدا.
البطاقة الائتمانية القرضية: وهذه الحكم فيها واضح، وذلك لأن حامل البطاقة يعتمد في مشترياته على البطاقة دون دفع للثمن ويوفر دخله للاستثمار في نواح أخرى، ويضع البنك على كل مبلغ يشتري به فائدة وعمولة، وهذا هو المعمول به في الغرب، وليس لهذه البطاقة - عادة - وجود في الشرق الأسلامي على الأقل أو في البلدان العربية.
تبقى البطاقة العادية وهي التي نعرف تصويرها تماما، ذلك أن البنك يدفع قيمة المشتريات إلى التاجر ويدفع العميل القيمة إلى البنك. أظن بهذا التصوير وبهذه الطريقة يمكن أن نصل إلى نتيجة.
البحثان نظرا إلى العملية، عملية واحدة، ابتداء من شراء العميل وانتهاء بتسديد البنك دون أن ينظر إلى جانب فقهي آخر، هذا الجانب الفقهي الآخر وهو ما يسمى في الفقه بـ"تفريق الصفقة"، والذين ذهبوا إلى تحريم هذه البطاقة ركزوا أو كل إشكالياتهم على العمولة التي يأخذها البنك المصدر من التاجر، ولذلك أبطلوا العمل بهذه البطاقة. هذا هو تحرير محل الإشكال، وهو العمولة التي يأخذها البنك المصدر من التاجر، كما قلت سابقا: إنهم نظروا إلى الموضع على أنه معاملة واحدة. عندنا في الفقه الإسلامي ما يسمى بـ"تفريق الصفقة"، وهو إذا تمضنت الصفقة قسما حلالا وقسما حراما فعندئذ تجوز الصفقة فيما هو حلال وتحرم فيما هو حرام وهذا هو مذهب الحنفية، وكذلك بعض المذاهب الأخرى لا أذكر ذلك أكانوا الحنابلة أم المالكية إنما أنا متأكد أن الحنفية يقولون بتفريق الصفقة. فعندئذ العلاقة بين العميل وبين البنك سليمة جدا خصوصا إذا سدد في الموعد المحدد. اشتريت السلعة بثلاثين ريالا أدفع للبنك ثلاثين ريالا دون زيادة أو نقص، فهنا العلاقة ما بين حامل البطاقة وبين البنك المصدر علاقة شرعية مئة بالمئة ولا غبار عليها، عندئذ العلاقة ما بين المصدر وما بين التاجر فالبنك المصدر يأخذ عمولة على ذلك.
فضيلة الأستاذ الجواهري بتكييفاته الستة رأى أن التكييف الخامس والسادس تكييفان جائزان، وحمل أحدهما على أساس السمسرة، وجعل هذين الوجهين صحيحين- الذي هو التكييف الخامس والسادس - وعندئذ كما هي القاعدة عند الحنفية " إذا احتمل العقد وجها للصحة ووجها للبطلان فيجب أن يحمل على وجه الصحة " وشكرا.