عندما قرأت الأبحاث التي قدمها الأساتذة عن بطاقة الائتمان تبين لي أن الإخوة يخرجون هذه البطاقة على عقود مالية - كما يدعون- شرعية بغية إيجاد المخرج الشرعي لها، فالذي فهمت من هذه الأبحاث ما يلي:
أولا: إن هذه البطاقة تعتبر من قبيل الكفالة أو ما يعبر عنه في الفقه الإسلامي بكفالة الدرك، وقد اختلف الفقهاء في جوازها بين مجوز وممانع، ولو أخذنا برأي القائلين بالجواز فكيف نسوغ للكفيل أخذ الأجرة على كفالته؟
ثانيا: إن هذه البطاقة تعتبر من قبيل الجعالة، وأيضا لا يمكن تخريج هذه البطاقة على الجعالة، لأن الجعالة من المعروف لدى حضراتكم أنها تصدر عن إرادة منفردة، يلتزم شخص بدفع شيء من المال لمن يأتي له بجعله من سيارة أو دابة أو ما أشبه ذلك.
وفي بطاقة الائتمان - كما يصورها الإخوة - هي عقد يتم بين أطراف ثلاثة. إذن لا يمكن أن نخرج هذه المسألة على الجعالة.
ثالثا: من الإخوة الباحثين من اعتبر أن المسألة هي عبارة عن حوالة. أقول: كذلك لا ينطبق على هذه المسألة مفهو الحوالة، لأن الحوالة تفترض وجود دين مسبق بذمة المحال عليه ولا بد هنا من رضا المحيل، وهنا لا يوجد دين على البنك لنعتبر المسألة من قبل الحوالة، ولا يتصور لنا في هذه المسألة أيضا رضا المحيل.
رابعا: الفوائد التي يجنيها البنك من جراء إصداره البطاقة، منها ما هو مقبول شرعا ومنها ما هو مرفوض، فالمقبول منها مثل استيفاء رسوم تجديد البطاقة أو رسوم تبديلها أو ما شابه ذلك، إذ أنه لا يعدو عن كونه فعلا كما ذكر الإخوة الباحثون أنه أجر على عمل أو منفعة تؤديه الشركة التي تصدر هذه البطاقة ووكلاؤها لحامل البطاقة.
أما تحصيل البنك على نسبة من مثمن البضاعة يستوفيها من التاجر حسب الاتفاق معه عند تسديده لقيمة قسيمة البيع أو الخدمة أو يحصل على نسبة من الثمن عند تسديد العميل ما عليه كأجر على تسديد البنك دينه الذي للتاجر وهذا لا يجوز. وما يقال: لدفعه إلى أصحاب المحلات التجارية، أقول: إن هذا التكييف غير مقبول شرعا أيضا، لأنه لو تصورنا بأن البنك كفيل أو وكيل بدفع الدين مثلا: فعلى أي أساس يجوز له أن يأخذ أكثر مما دفع؟ وعلى أي أساس يدفع له التاجر الذي هو دائن في الأصل جزءا من الدين؟ ففي هذه الحالة لا تعدو المسألة عن أن تكون إبراء للكفيل لجزء من الدين، وينبغي أن يكون ذلك إبراء للأصيل أيضا كما قرره الفقهاء في محله - رحمهم الله تعالى - والله الموفق، وشكرا سيادة الرئيس.