للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا أردنا أن نمشي في هذا الأسلوب فإننا لا يمكن أن نحل مشكلاتنا التي خلقت الزكاة بإرادة الله تعالى لحلها. مثلا أخونا حفظه الله الشيخ تقي يؤكد ويلح أنه لابد من التمليك الفردي وإن التمليك الجماعي غير مقبول ولا جائز، ويفسر التمليك الجماعي وهو أغرب ما سمعت في هذا، أنه يفسر كلمة التمليك الجماعي - وأين - في نطاق بحث الزكاة وتمليك الفقراء.

يفسر التمليك الجماعي بما يفيد أنه يفهم منه أنه التمليك للمسلمين جميعا فقراء وأغنياء ويضرب مثلا على نفي جواز التمليك الجماعي في طريق صرف الزكاة أن أموال بيت المال هي تمليك جماعي للمسلمين جميعا فأين هذا من أن نقول التمليك الجماعي في أموال الزكاة للفقراء الذين يرون أن التمليك الجماعي كثيرا ما يكون أصلح للفقير وأنفع لا يريدون أن يملكوا المسلمين جميعا أغنياء وفقراء كبيت المال الذي هو لمصالح الأمة وإنما يراد التمليك الجماعي للفقراء كبعض الأمثلة التي ضربها إخواننا الأساتذة الكرام مثل الشيخ القرضاوي وسواه فلذلك لا نستطيع أن ننفي جواز التمليك الجماعي بهذا المنطق أبدًا.

ثم أرى أنه في هذا المجال لا مناص لنا، إخواني الأساتذة الكرم، من أن نعالج قضايا الزكاة بشيء من حرية الفكر أو ما تريدون أن تسموه يعني بفكر اجتهادي حديث من أهله: ينظر في واقع حال المسلمين وظروف العصر وتطوراته العجيبة المذهلة والمشكلات التي نشأت في ظل هذه الحياة العصرية وما إلى ذلك مما تعلمون ولا حاجة للإفاضة في ذلك، أن نعالجها بفكر حر ينظر في الواقع وينظر في النصوص وقابلياتها. يعني مع احترامي لفقهائنا الأولين وللمذاهب ولكن ما عاشوا شيئا مما نعيش اليوم ولا صادفهم ما نصادفه من التيارات والمشكلات.

نحن اليوم نعيش ظرفا جديدا فلذلك إذا أردنا أن نتقيد بالآراء الفقهية التي مع احترامي لمن قالوا بها ولطرق استنباطها ولكننا إذا رجعنا إلى النصوص التي استقوا منها قد نجد مجالا بأفهام لم يذكروها هم ولعلهم لو كانوا عاشوا عصرنا لما فهموا سواها. يعني قضية " اللام " مثلا، قضية " اللام " والتمليك، إخواني الأساتذة الكرام يعني أنا لا أستطيع أن أفهم من " اللام " أننا نحن يجب أن نفهم القرآن الكريم والسنة النبوية كما يفهمها العربي الأصلي ابن اللسان، و " اللام " تكون للتمليك بالمعنى المعروف للتمليك وتكون للتخصيص.

وإذا أردنا أن نحصرها بأنه لابد من التمليك الفردي فقد عطلنا كثيرا من فوائض الزكاة ومن ما تحل من مشكلات وأين الدليل على التمليك الفردي من " اللام "؟ حتى أنني لا أرى فرقا بين " اللام " و " في ". النصوص عبرت بكليهما عن موضوع واحد وفي هدف واحد فدلت على أنهما مما يدلان على شيء واحد " فمثلا في القرآن العظيم جاء للفقراء بـ " اللام " في الحديث النبوي في صحيح الإمام البخاري جاء للنبي عليه الصلاة والسلام الأعرابي فقال له يا رسول الله: آراه أمرك أن تأخذ هذه الأموال من أغنيائنا فتمدها في فقرائنا قال: نعم أقره الرسول على هذا وقد عبر بـ " في "، وفي موضوع الفقراء أنفسهم القرآن عبر " اللام " والحديث النبوي أقر التعبير بـ " في " وكلمة " في " أي عربي من أولئك أبناء اللسان لما يقول أن ترد في فقراء الناس يفهم أن " في " يعني يجب أن نملكه فرديا ونسلمه بيده. التخصيص لو جمعت طائفة من أموال الزكاة وأنشئ بها مطعم للفقراء وأبناء الفقراء ينظم إطعامهم فيه بشكل أصولي يعتبر هذا وضعا بمال الزكاة في الفقراء؟ .

<<  <  ج: ص:  >  >>