للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيا – الكفارة:

فكفارة قتل الخطأ – كما هو معروف وموضح في الآية الكريمة: عتق رقبة فإن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع الصيام فليس فيها إطعام إلا في رواية للإمام أحمد، وقول الشافعي قياسا على كفارة الظهار، وللأستاذ عبد القادر عودة رأي يقول: إن الكفارة بعد إلغاء الرق لا تكون بعتق رقبة، وإنما تكون بالتصدق بقيمة الرقبة إذا كان لدى القاتل ما يفيض عن حاجته، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين؛ لأن معنى عدم الاستطاعة هي عدم توفر المال عنده لشراء الرقبة فيكون عليه الصيام بعد ذلك، أي إذا لم يستطع قيمة الرقبة، ويقوم ولي الأمر بتحديد قيمة الرقبة بمبلغ معين، وليكن مثلا نصف الدية، والسؤال هنا: هل يمكن أن نقول بالإطعام قياسا على الظهار في حالة عدم استطاعة الصيام، بأن تكون الكفارة إطعام ستين مسكينا أو نقول برأي الأستاذ عودة في موضوع الرقبة فتكون قبل الصيام؟ هذا الموضوع الثاني.

ثالثا – دية غير المسلم:

من المعروف أن هناك خلافا بين الفقهاء في دية الذمي، فقال الأحناف: إن دية الذمي مساوية لدية المسلم سواء بسواء، سواء كان من أهل الكتاب أو من غير أهل الكتاب، وقال المالكية والحنابلة والزيدية والإباضية: إن دية الكتابي على المسلم مثل دية المسلم، وغير الكتابي كالمجوسي ثمانمائة درهم، أي ثلث خمس دية المسلم، وقال الشافعية: أن دية الكتابي ثلث دية المسلم، والمجوسي ثلث خمس دية المسلم، أي ثمانمائة درهم، وقال الشيعة الإمامية: إن دية اليهودي والنصراني والمجوسي ثمانمائة درهم بلا تفرقة بين الكتابي والوثني، ولعل القول الأجدر بالترجيح هو قول الأحناف بأنه لا فرق بين دية المسلم وغير المسلم؛ لأن هذا القول يتفق مع ظاهر الآية وهو قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: ٩٢] . إذ المراد حسب الظاهر بقوله تعالى في قتل المؤمن: {فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} ، أما الآثار والأحاديث الواردة في هذا الموضوع، فكل له أثر أو حديث يؤيد رأيه الذي يحتج به، لكنها لم تبلغ مبلغ الصحة بحيث يتفق الأئمة على صحتها، ما عدا حديث: ((لا يقتل مسلم بكافر)) ، وقد حمل أبو حنيفة الكافر هنا على الكافر الحربي، كما أن السياسة الشرعية إظهار عدالة الإسلام يقتضيان أن نقول بهذا الرأي.

<<  <  ج: ص:  >  >>