للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأدخل في البحث فأقول: لا شك أن حوادث السير التي تسببها المركبات الميكانيكية في الطرق العامة هي من الأمور المحدثة في المجتمعات بعد أن اخترعت تلك المركبات لتكون وسيلة للنقل بدلا من الدواب التي كانت وسائل للنقل في تلك العصور السابقة، وقد ترتب على سير هذه المركبات في الطرقات العامة أحداث وإصابات جسمانية ومادية، مما وطد الحكم بالديات والأروش والتعويضات والكفارات والتعزيرات بحسب كل حادثة على حدة، ومن الواضح أن هذه الحوادث تندرج في أغلبها تحت عنوان الخطأ والإهمال، فإذا أدى الحادث مثلا إلى موت شخص بصدمة بالسيارة نقول هنا: إن سائق السيارة قد قتل الشخص الخطأ فيغرم الدية وعليه الكفارة، وهذا الحكم واضح في الآية: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} [النساء: ٩٢] إلى آخر الآية، والذي ينبغي أن نعرض له في هذه العبارة هي المواضيع الآتية، ولذلك أعرضت عن كثير مما جاء في البحث؛ لأن هذه المواضيع هي المهمة وهي التي نريد فيها توصيات من المجمع الموقر:

أولا: العاقلة، ثانيا: الكفارة، ثالثا: دية غير المسلم، رابعا: التسبب والمباشرة، خامسا: اعتراض البهائم للسيارات في الطرق العامة، سادسا: تحمل بيت المال للدية في بعض الحالات، سابعا: جواز وضع نظام للعقوبات فيه التعزير بالمال أو غرامات مالية كما تسمى.

أولا – العاقلة:

العاقلة عند جمهور الفقهاء: هم العصبة من الذكور، وعند الأحناف ورواية للمالكية: هم أهل الديوان إن كان الجاني من أهل الديوان، وإلا فعاقلته عصبته، لقد أصبح من الصعوبة بمكان في هذا العصر أن تؤخذ الدية من العاقلة، وإذا قلنا: إنها تؤخذ من الجاني عند تعذر العاقلة، فأغلب الذين يرتكبون قتل الخطأ في حوادث السيارات هم من الفقراء الذين لا يستطيعون دفع الديات، كما أنه ليس في الإمكان أن نقول: أن تقوم الدولة بدفع الديات اعتمادا على القول بأن يدفع بيت المال الدية عند تعذر العاقلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>