للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلاقة السببية في الفقه الإسلامي:

يشترط كذلك في الفقه الإسلامي أن توجد علاقة سببية بين التعدي أو الخطأ وبين الضر الذي لحق بالمصاب حتى تكون هناك مسؤولية عن حد الضرر، فلو وضع إنسان سُمًّا في طعام أحد وقبل سريان السم فيه أتى شخص آخر وقتله؛ فهنا خطأ وهو وضع السم، وضرر وهو موت المصاب، ولكن لم تتحقق رابطة السببية، إذ الموت حصل من إطلاق النار لا من وضع السم، فوجد الخطأ ولكن انقطعت رابطة السببية: فلا مسؤولية على الفاعل. ومن الأمثلة التي ساقها الزيلعي ويتحقق فيها انعدام الرابطة السببية لو أن رجلا طرح رجلا أمام سبع فقتله السبع فليس على الطارح شيء (١) .

انعدام الرابطة أو انتفاؤها:

ينبغي أن يكون الخطأ هو السبب في إحداث الضرر، فإذا كان الضرر بسبب أجنبي انعدمت السببية أو كان السبب غير منتج أو غير مباشر فتخصص لكل منهما فقرة: انتفاء الرابطة السببية لقيام سبب أجنبي كقوة قاهرة أو حادث مفاجئ أو فعل المضرور نفسه أو فعل الغير (٢) .

فإذا أثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب من هذه الأسباب كان غير ملزم بتعويض هذا الضرر.

أ- القوة القاهرة والحادث الفجائي:

كلاهما يجب أن يكون غير ممكن التوقع ويستحيل دفعه، هذا في القانون، وفي الفقه الإسلامي قال بعضهم: هو أن يحصل التلف بقوة لا يستطيع الإنسان دفعها وليس في إمكانه أن يحترز عنها (٣) ، أو هما كل أمر عارض خارج عن تدخل الإنسان (٤) .

فإذا حصل التلف بآفة سماوية فلا ضمان؛ لأن القاعدة الفقهية تقضي: كل ما لا يمكن الاحتراز منه لا ضمان فيه" (٥) .


(١) شرح الزيلعي: ٦ / ١٥٣
(٢) المادة ٢٣٣ مدني كويتي، والمادة ١٦٥ من القانون المدني المصري
(٣) المسؤولية المدنية والجنائية في الشريعة الإسلامية ص ٣٢
(٤) النظرية العامة للموجبات والعقود ١ / ٢٨٨
(٥) نظرية الضمان ص ٣٥

<<  <  ج: ص:  >  >>