كذلك أثني على ما ذكره فضيلة الشيخ عبد الله البسام من أن الموضع في الواقع أولا، أنا لا أهون من أمر البحثين الذين قدما لنا فهي بحوث ذات قيمة وأشارت إلى مسائل لها اعتبارها وقيمتها، لكن المزايدة في حد ذاتها ليست من الأهمية بمكان يجعلها في صدارة ما ينبغي أن نبحثه من المواضيع التي نحن في أمس الحاجة إلى بحثها، فالمزايدة إذا تمت هي في الواقع وليس فهيا غرر ولا جهالة ولا استرسال لأنها مزايدة أمام مجموعة كبيرة، نعم، إذا تبين لمن رست عليه أن هناك ناجشين فله حق الدعوى بهذا العيب، وله حق مقاضاة صاحب البضاعة التي باعها عليه بطريق النجش، كذلك لو تبين فيها من العيب ما تبين فله حق التقاضي عند القضاء في حال عدم الوصول إلى حل يرضيه فيما بينه وبين مالك البضاعة، كذلك ما يتعلق بالخيار ولا شك أن خيار المجلس وإن وقف منه من وقف من أئمتنا الأفاضل في القديم والحديث، فهو كل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإمام مالك رحمة الله عليه روى في موطأه عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((البيعان بالخيار ما لم يتفرقا)) فلا شك أن خيار المجلس ثابت بنص صريح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن فيما يتعلق بالمزايدة هل يمكن أن يدخل خيار المجلس في المزايدة، في الواقع رسول الله صلى الله عليه وسلم أجرى المزايدة في القدح والحلس ولم يثبت لمن باعه هاتين السلعتين، لم يثبت له الخيار، إذن ممكن أن يكون البيع بالمزايدة مخصصا بعموم خيار المجلس بمعنى أنه لا خيار لمن اشترى عن طريق البيع بالمزايدة، لأنه حينما يختار الرد فمعني ذلك أن يفوت هذه الفرصة التي قد توجد المشقة في إعادتها مرة ثانية، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:((لا ضرر ولا ضرار)) ولنا من فعله صلى الله عليه وسلم أسوة وقدوة، كذلك القول بأن المزايدة في البيع وهذا ما تفضل به فضيلة الدكتور عبد الوهاب قد تطورت عما كانت عليه في العصور السابقة فصارت الآن لها نوع تنظيم وكذا، فهذا ليس على إطلاقه فنحن نرى ونشاهد في مجموعة كبيرة من بلدان العالم أسواق مزايدة شفهية وما أكثرها من الأموال المنقولة والثابتة، الحيوانات، السيارات، الآلات وغير ذلك، ففي أسواق مخصوصة بالمزايدات فإذن حقيقة هناك مزايدات محكمة بطريق منظمة وهناك مزايدات بطريقة مكشوفة وكذلك ليس فيها كلفة وليس فيها شيء من التعقيد، ما يتعلق بالبيوع، والقول بأن يكون هذا الموضوع مضموما إليه – الذي هو المزايدة – المناقصة، في الواقع لا يتصور بيوع بالمناقصة وإنما البيوع كلها بالمزايدة، وأما المناقصة فهي خاصة بالمقاولات وما يتعلق بهذا، نعم، إن قيل أن المقاولات نوع من البيوع فيمكن أن يكون هذا على سبيل التجوز لكن في الواقع المزايدات لها وضع والبيوع دائما وأبدا لا تكون إلا بمزايدات وأما المقاولات على كل حال لها وضع آخر، وشكرا للجميع ولسماحة الرئيس والسلام عليكم.