للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثالث: ركنا الإيجاب والقبول في المزايدة قانونًا

التكييف القانوني لركني الإيجاب والقبول في عقد المزايدة كالتالي: التقدم بالعطاء، من قبل المزايد بمثل الإيجاب في العقد بيعًا، أو إجارة، أو غير ذلك.

إرساء المزاد يمثل القبول فيه.

يقدم العلامة عبد الرزاق السنهوري خلاصة المبادئ القانونية فيما يتعلق بهذين الركنين من أحكام في الفقرات التالية:

"أولا: في بيع المزاد – ولنفرض التعاقد بيعًا – الإيجاب ليس هو طرح الصفقة في المزاد، وإنما هو التقدم بعطاء، والقبول هو إرساء المزاد على متقدم بعطاء. وبإرساء المزاد يتم البيع لمن رسا عليه المزاد، ولو تقدم بعد ذلك شخص آخر بعطاء أكبر.

ثانيا: من تقدم بعطاء، اعتبر عطاؤه إيجابا كما قدمنا. وهو هنا إيجاب ملزم؛ لأن ظروف الحال تدل على أن من تقدم بعطاء أراد أن يتقيد به ولا يرجع عنه، ويبقي مقيدا بعطائه إلى أن يسقط هذا العطاء بعطاء أزيد على الوجه الذي قدمناه، أو حتى تنتهي جلسة المزاد دون أن يرسى عليه المزاد. أما إذا أرسي عليه المزاد في الجلسة فقد تم البيع على ما ذكرنا.

ثالثا: العطاء اللاحق يسقط العطاء السابق، فمن تقدم بعطاء يزيد على عطاء سابق يسقط بعطائه هذا العطاء السابق، ويبقى عطاؤه اللاحق هو العطاء القائم. ويلاحظ أن التقدم بعطاء هو تعبير عن إرادة تتجه لإحداث أثر قانوني، فهو إذن تصرف قانوني. ولكن العطاء اللاحق إنما يسقط العطاء السابق، لا باعتباره تصرفًا قانونيًا، بل باعتباره واقعة مادية. ومن ثم يسقط العطاء اللاحق العطاء السابق، حتى لو كان العطاء اللاحق باطلا، كعطاء يتقدم به قاض في بيع عين متنازع عليها، ويقع نظر النزاع في اختصاصه، أو كان قابلا للإبطال، كعطاء يصدر من قاصر، أو محجور عليه.

رابعا: لا يتحتم إرساء المزاد على من يتقدم بأكبر عطاء، وإن كان هذا هو المفروض ما لم يشترط خلافه. فقد يشترط صاحب السلعة أن من حقه ألا يرسى المزاد حتى على من يتقدم بأكبر عطاء؛ لأن هذا العطاء لا يجزيه في السلعة، أو لأنه لا يحب التعامل مع صاحب أكبر عطاء، أو لأي سبب آخر يذكره، أو لغير ما سبب يبديه. وقد يشترط أن من حقه أن يرسي المزاد على أي شخص يتقدم بعطاء يختاره، ولو كان عطاؤه لا يزيد على عطاء غيره، أو يقل عنه، مع إبداء سبب ما" (١) .

المبحث الرابع: دعوى الغبن في المزايدة

جرى القانون على نفي الغبن فيما بيع في المزاد العلني إذا اشترطت المحكمة بيعه بالمزاد العلني، وتم البيع فعلا بالمزاد كنص القانون، وفي ملخص موجز للأحوال التي لا يقبل فيها الطعن بالغبن في المزايدة، يقول العلامة الدكتور عبد الرزاق السنهوري:

" ويخلص مما قدمناه أنه لا يجوز الطعن بالغبن في الأحوال الآتية:

(١) إذا بيع عقار غير كامل الأهلية في المزاد العلني تنفيذًا لدين.

(٢) إذا بيع عقار غير كامل الأهلية في المزاد العلني تنفيذ لأمر المحكمة التي أذنت في البيع.

(٣) إذا بيع عقار غير كامل الأهلية في المزاد العلني لعدم إمكان قسمته عينا" (٢)


(١) مصادر الحق: ٢ / ٦٢
(٢) الوسيط في شرح القانون المدني (٤) العقود التي تقع على الملكية، البيع والمقايضة، (بيروت: دار إحياء التراث العربي) ، المجلد الأول، ص ٣٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>