للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدلة المجوزين:

استدل المجوزون لبيع العربون بما يأتي:

١- حديث زيد بن أسلم (١) .

وفي هذا الحديث المقال الذي ذكرنا، فلا يصح الاحتجاج به.

٢- ما روي عن نافع بن عبد الحارث أنه اشترى لعمر دار السجن من صفوان بن أمية، فإن رضي عمر وإلا فله كذا وكذا. قال الأثرم: قلت لأحمد: تذهب إليه؟ قال: أي شيء أقول؟ هذا عمر رضي الله عنه. قال ابن قدامة: "وإنما صار أحمد فيه إلى ما روي فيه عن نافع بن عبد الحارث ... وذكر الخبر ثم قال: فأما إن دفع إليه من قبل البيع درهمًا، وقال: لا تبع هذه السلعة لغيري، وإن لم أشترها منك، فهذا الدرهم لك، ثم اشتراها منه بعد ذلك بعقد مبتدئ وحسب الدرهم من الثمن صح لأن البيع خلا عن الشرط المفسد، ويحتمل أن الشراء الذي اشتري لعمر كان على هذا الوجه، فيحمل عليه، جمعًا بين فعله، وبين الخبر، وموافقة القياس، والأئمة القائلين بفساد العربون (٢) يستفاد من كلام ابن قدامة هذا أنه يرى العمل بحديث النهي عن بيع العربون، ويرى أن المنع هو القياس، ويؤول فعل عمر بما يتفق مع الحديث والقياس.

٣- القياس على ما قاله سعيد بن المسيب وابن سيرين، من أنه لا بأس إذا كره المشتري السلعة أن يردها، ويرد معها شيئًا، فقد قال الإمام أحمد: هذا في معناه.

ذكر ابن قدامة هذا الدليل ولم يعلق عليه (٣) ?‍?وسيأتي الحديث عن هذه الصورة، وأنها ليست من بيع العربون.

وإني أرجح المنع لقوة دليله، فإن حديث النهي أكثر رجال الحديث يصححونه، وحديث الجواز أكثرهم يرده، والغرر في بيع العربون متحقق، وأكل المال بالباطل متحقق أيضا في بعض صوره، وما اعتمد عليه المجوزون من أقوال بعض الصحابة والتابعين لا يقوى على معارضة أدلة المانعين.


(١) نيل الأوطار ٥ /١٦٣، لم يستدل في المغني ولا في المقنع بهذا الحديث.
(٢) المغني مع الشرح الكبير ٤/ ٢٨٩.
(٣) المغني مع الشرح الكبير ٤/ ٢٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>